نشأة النظام التجاري العالمي : مدخل الى علم الاقتصاد الدولي
منذ قديم الأزل وكان العالم يعيش فى نظام التجارة
الدولية، فالاقتصاد الدولي هو ليس بعلم جديد على دول العالم حتى و ان اختلفت بشكلها
الحديث الأن.
فالإنتاج السلعي لم يكن موجوداً قبل ظهور نمط
الإنتاج الرأسمالي فالوقائع التاريخية تؤكد أن الإنتاج السلعي كان موجوداً في
تشكيلات النظم الاقتصادية الاجتماعية السابقة على نمط الإنتاج الرأسمالي.
فمثلا
نمط الإنتاج العبودي والإقطاعي، كان الإنتاج السلعي موجوداً بدرجات متفاوتة، لكنه
لم يلعب الدور القيادي في النشاط الاقتصادي. فقد كان الاقتصاد السائد في هذه
التشكيلات هو الاقتصاد الطبيعي الذي يتكون من وحدات اقتصادية متماثلة ،
يقوم كل منها بإنتاج ما يلزمه وما يحتاج إليه.
وكان
الشطر الأعظم من الإنتاج يستهلك في مواقع إنتاجه، أما الجزء الأقل من الإنتاج فكان
يعرض في الأسواق بغرض التبادل.
وفي ظل الاقتصاد الطبيعي الذي ساد هذه التشكيلات لم تكن النقود تلعب دوراً يعتد به في النشاط الاقتصادي ، حيث أن القسم الأكبر من عمليات التبادل كان يتم في إطار المقايضة، أي مواجهة سلعة بسلعة، أو بسلع أخرى، ومع ذلك نلاحظ أنه حتى في ظل الاقتصاد الطبيعي كانت العلاقات التجارية بين مختلف مناطق العالم تسوّى من خلالالنقود السلعية، وبالذات المعادن النفيسة.
نشأة النظام التجاري الدولي قبل نظام بريتون وودز (مرحلة الرأسمالية
التجارية) :
كان
ظهور هذا النظام التجاري في هذه المرحلة ، على الرغم من صعوبة الإشارة الى نظام تجاري
دولي في تلك المرحلة نظرا لطابع القرصنة والنهب التي كانت تتم في ضوئه حركة
التبادل الدولي.
إذ كانت المهمة التاريخية لمرحلة الرأسمالية التجارية قد تحققت ، وهي تكوين التراكم البدائي لرأس المال وتوحيد وتهيئة السوق العالمية أمام المجتمع الجديد ، مجتمع الرأسمالية الصناعية.
نظام قاعدة الذهب الدولية Gold Standard
بدأت قاعدة الذهب في الانتشار في الثلث الأول من القرن التاسع عشر باتخاذ بريطانيا لها كقاعدة نقدية بقانون صدر في 1819 وأصبح ساري المفعول في سنة 1821. وبحلول عام 1870 لحقت بها بعض الدول الأخرى مثل ألمانيا ، فرنسا والولايات المتحدة حتى جاء عام 1900 الذي أضحت فيه جميع الدول تقريبا تأخذ بقاعدة الذهب باستثناء الصين والمكسيك اللتان فضلتا قاعدة الفضة (silver standard) ، وتتسم قاعدة الذهب بتوافر شروط معينة ، ومن أهم هذه الشروط هو:
1- وجود علاقة ثابتة بين قيمة الوحدة النقدية وبين كمية معينة من الذهب من عيار معين :
و هذا لا يعني أنه يشترط
أن تكون النقود الذهبية متداولة فعلاً داخل الاقتصاد القومي ، وإنما يكفي لسيادة
هذه القاعدة أن تكون النقود الورقية المتداولة قابلة للتحويل إلى الذهب في أي وقت
يشاء حاملها ، إما للاستعمال في تسوية المعاملات في الداخل والخارج معاً وإما
للاستخدام فقط في تسوية المعاملات الخارجية.
2- يجب أن يكون ذلك مقترناً بحرية استيراد وتصدير الذهب :
إذ إن وضع
القيود على تجارة الذهب استيرادا وتصديرا سوف يعمل على تفاوت توزيعه بين الدول
بعدالة وبالتالي تفاوت قيمته مما يوفر الفرصة لعدم إمكانية استخدامه كمقياس محايد
للعملات .
وحينما سادت قاعدة الذهب بهذه الشروط في معظم دول العالم ترتبت لهذه الدول ميزة هامة تتعلق بثبات سعر الصرف بين عملاتها المختلفة ، وبهذا تحدد سعر الصرف عند التوازن طبقاً لنسبة كمية الذهب الموجودة في عملة كل دولة إلى كمية الذهب الموجودة في بقية عملات الدول الأخرى. ففي ظل قاعدة الذهب قامت كل دولة بتحديد عملتها بمقدار من الذهب أي معادلة قيمة العملة مع قيمة وزن معين من الذهب الخالص بحيث يمكن مبادلة هذه العملة بالذهب أو العكس بسعر ثابت يطلق عليه (حد التعادل) ، فمثلا حدد المشرع الأميركي أن الوزن الصافي للدولار الأميركي الذهبي هو (1.50467) غم من الذهب الخالص ، في حين إن الفرنك الفرنسي يعادل (0.29032) غم من الذهب الصافي ، والدينار العراقي كان يعادل (2.48828) غم والجنيه المصري (2.55187) غم من الذهب الخالص ، و كما هو واضح فان هذا يترتب عليه وجود علاقة ثابتة (أي سعر صرف ثابت) بين قيم العملات بعضها مع البعض الآخر، التي ترتكز على الذهب. لذلك فقد شهدت الفترة التي سادت فيها قاعدة الذهب استقرارا نقديا دوليا وتعاونا وازدهارا في مجال التجارة الدولية ، حيث كانت الحسابات التجارية بين الأقطار يتم تسويتها من خلال مبادلة الذهب وفقا للآلية التالية :
فحينما تستورد بريطانيا سلعا من فرنسا مثلا
فهذا يعني تدفق الذهب من بريطانيا إلى فرنسا فينتج عنه عجزا
في بريطانيا وفائضا في فرنسا، وان انخفاض احتياطي الذهب في بريطانيا سوف ينتج عنه
انخفاض في عرض النقد وسيؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار
السلع فيها وبالتالي تكون أقل من أسعار السلع في فرنسا أو في الخارج مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع البريطانية
فترتفع صادراتها حتى يعود التوازن إلى الميزان التجاري .
وبالمقابل فان تدفق الذهب إلى فرنسا سوف يؤدي إلى ارتفاع احتياطاتها من الذهب وبالتالي زيادة العرض النقدي ومنه ارتفاع الأسعار وبالتالي انخفاض القدرة التنافسية لسلعها أي انخفاض صادراتها فيتجه الميزان التجاري إلى وضع التوازن ، لذا فإن أساس الذهب يعد من الناحية النظرية آلية لتصحيح الاختلال في موازين مدفوعات الدول.
تعليقات
إرسال تعليق
رأيك مهم