القائمة الرئيسية

الصفحات

مستقبل النظام النقدي العالمي فى ظل سياسات صندوق النقد الدولي مع بيان أهم التوجهات الدولية المحتملة

 

 





 

النظام النقدي العالمي

 

 

ان المعاملات الإقتصادية بين دول العالم تحتاج الى وجود شكل من أشكال النقود لتسهيل المعاملات الدولية والتبادل التجاري مثل ما كانت تتم بين الافراد وبعضهم فى الماضي، حيث بدأت التعاملات الاقتصادية بما يعرف بأسلوب المقايضة أي تبادل سلعة بسلعة ثم تطورت لتأخذ مع ظهور المعادن النفيسة كالذهب والفضة، وعرف العالم السك المعدني فأصبحت المسكوكات الذهبية والفضية ثم تطورت إلى عملات، الى أن اخذت كل دولة فى صياغة شكل عملتها النقدية المتعارف عليها الآن.

ومع اتساع المبادلات والعلاقات الإقتصادية الدولية وتعدد العملات الدولية كان لابد من وجود نظام نقدي عالمي لتمكين التجارة الدولية من النمو بشكل يحقق مصالح الدول المختلفة.

فالنظام النقدي العالمي هو عبارة عن مجموعة من الاتفاقيات والقواعد وأدوات السياسة العامة وكذلك البيئة الاقتصادية والمؤسسية والسياسية التي تعمل على تحقيق اثنين من المنافع العامة العالمية الأساسية للدول: توفير عملة أو عملات دولية وتحقيق الاستقرار الخارجي.
ويمكن القول بأن النظام النقدي الدولي الجيد هو ذلك النظام الذي يعمل على زيادة التجارة والاستثمارات بين دول العالم، وتوزيع منافع تلك التجارة والاستثمارات بين الدول بعدالة. 

ويقيم النظام النقدي الدولي الجيد بثلاث خصائص  هى :

1-              توافر السيولة .

2-    قابلية التصحيح : )وتعني الطريقة والسرعة التي يتم بواسطتها تصحيح الخلل في ميزان المدفوعات).

3-              الثقة فى هذا النظام.

مشكلة البحث :

 

تكمن اشكالية البحث فى محاولة فهم والتكهن بكيف يكون مستقبل النظام النقدي العالمي بعد تداعیات الأزمات المالیة العالمیة وظهور تحالفات اقتصادية متعددة التكتلات ؟

تساؤلات البحث :

·       ولتوضيح إشكالية البحث يمكن طرح التساؤلات التالية :

1-              ما هو صندوق النقد الدولي؟

2-              ما هو واقع النظام النقدي الدولي الحالي وما هى مشكلات النظام النقدي العالمي؟

3-              ما هى تأثير سياسات صندوق النقد الدولي؟ وما أثر تلك السياسات على مصر؟

4-              ما هى التجارب الدولية فى التغلب على الآثار السلبية لصندوق النقد الدولي؟

5-              ما هى أهم السيناريوهات المحتملة عن مستقبل نظام نقدي عالمي جديد؟

أهداف البحث :

تتمثل اهداف البحث فيما يلي :

1-    بيان أثر سياسات صندوق النقد العالمي على النظام الاقتصادي الدولي بشكل عام والاقتصاد المصري بشكل خاص.

2-  تقديم مقترحات من اجل تخفيف اثار تلك السياسات على الاقتصاد المصري.

أهمية البحث :

تتمثل اهمية البحث في كونه يقدم توضيح لأثر الأزمة الروسية الاوكرانية على الاقتصاد المصري ، تقديم توصيات من اجل المساعدة فى اتخاذ القرارات الملائمة.

خطة البحث :

 

تتمثل خطة البحث فيما يلي :

1-           معرفة أهمية صندوق النقد الدولي على النظام الاقتصادي العالمي وآليات عمله.

2-           معرفة مدى تأثر الاقتصاد المصري بسياسات صندوق النقد الدولي.

3-           النتائج والتوصيات.

 

أولا: صندوق النقد الدولي               International Monetary Fund (IMF)

هو المؤسسة المسئولة عن النظام النقدي العالمي، حيث تأسس عام 1945بموجب مؤتمر بريتون وودز الدولي في عام 1944.

 وكان الهدف من إنشاؤه هو العمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي وتشجيع التعاون الدولي وتحقيق الاستقرار في أسعار الصرف والتوازن في التجارة الدولية.

بالإضافة إلى تقوية النظام المالي الدولي ومساعدة الدول الأعضاء على تحقيق نمو اقتصادي مستدام.

كما نتج عن هذا المؤتمر أيضا تأسيس البنك الدولي في عام 1944 للمساعدة في إعادة بناء أوروبا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية . ثم مساعدة الدول الأخرى على التنمية الاقتصادية. وكان اسمه الرسمي هو البنك الدولي للإنشاء والتعمير.

ولكن هناك قصور واضح في أداء هذه المؤسسة المسئولة عن إدارة النظام النقدي الدولي.

ثانيا : مشكلات النظام النقدي العالمي:

منذ أن توقفت الولايات المتحدة عن تحويل الدولار إلى ذهب بدأ النظام النقدي العالمي يعاني العديد من المشكلات، ومنذ ذلك التاريخ دخل النظام المالي والنقدي العالمي في مراحل متتالية من الأزمات التي برزت بشدة وازدادت حدتها منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وصولاً إلى الأزمة المالية العالمية الحالية المستمرة من عام 2008، حيث وقعت نحو 125 أزمة مصرفية، و208 أزمة في سوق الصرف الأجنبية، ونحو 63 أزمة دين عام.

وتعتبر أحد أهم مشكلات النظام النقدي العالمي الحالي أنه يقوم من الناحية الواقعية على أساس عملة نقدية (وهى الدولار الأمريكي) تصدر من دولة لها سياستها الخاصة.

 وقد أثار إستخدام الدولار كأساس للنظام النقدي العالمي الكثير من المشكلات من أهمها أنه يراعي مصالح الدولة المصدرة لهذه العملة فقط ، مما يتيح لها توفير مزايا الحصول على موارد إقتصادية من العالم في مقابل توفير أوراق نقدية للتعامل (الدولار)، وبذلك تتمتع الولايات المتحدة تجاه العالم بما يشبه الحق في فرض ضرائب على العالم مقابل إستخدام الدولار في المعاملات الدولية.

كما أن غياب وجود سلطة نقدية فوق دولية تتولى وضع وتنفيذ سياسات نقدية تخدم مصالح جميع الأطراف في المجتمع الدولي قد أدى إلى وجود نمو غير متوازن ما بين السوق النقدية والسوق الحقيقية وبالتالي ظهور التضخم وصعوبة القضاء على تلك المشكلة الاقتصادية الأزلية.

 والوضع الحالي للنظام النقدي العالمي متعدد العملات لا يعمل على تيسير حركة التجارة والاستثمار وانتقال رؤوس الأموال على المستوي الدولي نظراً لما يحمله النظام النقدي الحالي من تكلفة عاليه لمبادلة العملات ومخاطر مرتفعة من تقلبات أسعار الصرف.

ثالثا: تأثير سياسات صندوق النقد الدولي وآثارها على مصر

تمر العديد من الدول،خاصة النامية، بالعديد من الأزمات الاقتصادية. فتلجأ إلى الاستدانة من المؤسسات الدولية کأحد الحلول التي تنتهجها.

 وقد تنجح هذه الطريقة وتؤتي ثمارها، وقد تصبح تلك القروض أحد المشاکل والأعباء التي تعاني منها تلك الدول لما تحتويه من شروط وتکاليف تمليها المؤسسات الدولية کضمان لديونها.

ولما کان صندوق النقد الدولي أحد رکائز النظام النقدي العالمي في العصر الحديث بما يملکه من أموال فتلجأ إليه الدول للاستدانة رغبة في مساعداتها، ومن هذه الدول الأرجنتين والبرازيل وماليزيا واليونان ومصر وغيرها من الدول.

وتعتبر مصر هي ثاني أكبر مدين لصندوق النقد الدولي (IMF) في العالم حيث مرت مصر في عصرها الحديث بالعديد من الأزمات الاقتصادية نتيجة للتبعات السلبية لثورات الربيع العربي وعدم استقرار البلدان العربية، وايضا أزمة كوفيد العالمية، والحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من اضطرابات سلاسل الإمداد، ثم تفاقم الوضع بفعل التوترات الناجمة بالمنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية.

ولجأت مصر إلى صندوق النقد لمساعداتها فى النهوض من أزمتها، وکانت آخر هذه المرات في سنة 2016م، وقد اشترط صندوق النقد على مصر مجموعة من الشروط والاجراءات منها تحرير سعر الصرف وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الاشتراطات.

وكان لتلك الشروط والإجراءات تداعيات اجتماعية واقتصادية سيئة تسببت بها برامج وتدخلات صندوق النقد الدولي في البلاد، حيث تؤثر برامج قروض صندوق النقد الدولي والشروط المصاحبة لها بشكل خاص على النظام النقدي وتدهور قيمة العملة المحلية امام العملات الدولية نتيجة لارتفاع معدلات التضخم، وكذلك تدهورت اعتبارات الأمن الغذائي والرعاية الاجتماعية في مصر.

 كما لعبت سياسات تعويم العملة المصرية وأسعار الفائدة دور إعادة التوزيع السلبي للثروة والموارد العامة.

 كما تنفق مصر على خدمة الديون ومدفوعات الفائدة أكثر مما تنفقه على الخدمات الاجتماعية والحماية الاجتماعية، والتي تبين أنها في صميم الأزمات الاقتصادية الأخيرة التي ضربت الدولة.

رابعا: تجربة الصين:

اصبحت الصين الآن أحد القوى الاقتصادية الكبرى في الاقتصاد العالمي، فهي تعتبر رابع أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد كل من الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وإن كانت بالمعدلات الحالية قادرة على تجاوز ألمانيا قريباً، بالإضافة إلى أنها ثاني أكبر مصدر للسلع في العالم، وصاحبة أكبر فائض في الميزان التجاري بالإضافة إلى أكبر رصيد احتياطيات على مستوى دول العالم، فضلاً عن تحقيقها معدل نمو في المتوسط 10% خلال الثلاثون عام الأخيرة، هذا وقد وصل حجم الناتج المحلى الإجمالي للصين في عام 2008 أربعة عشر مرة حجم الناتج المحلى الإجمالي في عام 1978 عندما بدأ الإصلاح الاقتصادي في الصين.

كانت الصين تعمل وفق نظام سعر صرف ثابت يحدد مركزيا في سنة 1950، ومنذ بداية الإصلاح الاقتصادي بدأت الصين تتجه للتخفيف من الرقابة على أسعار الصرف تمهيداً للدخول في مرحلة تحرير أسعار الصرف والتي لم تبدأ إلا في 21 يوليو 2005.

كما قامت الصين مؤخرا باتخاذ عدد من الترتيبات لاستخدام اليوان في تسوية المعاملات الخارجية للصين وذلك بسبب وجود اهتمام من جانب الصين في الحد من التعرض للتقلبات في سعر الدولار وإدخال اليوان تدريجياً في التجارة والتمويل الدولي.

ووفقا لموقف الإقتصاد الصيني الحالي والترتيبات التي قامت بها، وبناءا على الاستقرار في قيمة اليوان عند مقارنته بالعملات الرئيسية الأخرى خلال العشر سنوات الماضية يمكن القول أن اليوان من الممكن أن يكون أحد العملات الدولية الهامة في المستقبل القريب.

خامسا: أهم السيناريوهات المحتملة:

 ان النظام النقدي العالمي بوضعه الحالي في حاجة ماسة إلى التغيير، وهناك عدد من المقترحات لإعادة صياغة النظام النقدي العالمي، فالبعض يرى أن يقوم النظام النقدي العالمي على أساس مجموعة من العملات الدولية الرئيسية وهى الدولار واليورو والين والجنيه الإسترليني بالإضافة إلى اليوان الصيني.

 وهناك رأي أخر بضرورة إستخدام عملة دولية موحدة تخضع لإشراف سلطة نقدية فوق دولية تتولى إصدار تلك العملة مع وضع وتنفيذ سياسات نقدية موحدة للعالم خاصة في ظل عصر العولمة وانفتاح الأسواق.

توصيات البحث :

 

لابد من مراعاة التطورات الحادثة في علاقات مصر التجارية عند تحديد العملات التي يتشكل منها الإحتياطي النقدي المصري، وتحديد نسبة مساهمة كل عملة فيه.

يجب أن تعمل مصر بالتعاون مع كل من الدول الأفريقية والدول العربية على تشكيل جبهة قوية تضمن لها تمثيل أفضل، كما يجب أن تتم المطالبة بزيادة الحصص الخاصة بالدول النامية والفقيرة داخل المؤسسات الدولية وبالخصوص صندوق النقد الدولي.

يجب الاستفادة من تعاون الدول ذات الإقتصاديات الديناميكية وخاصة مجموعة (بريكس) والتي تضم عشرة دول (السعودية ، البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا، الإمارات ، إثيوبيا، مصر، إيران)،  وذلك فى تجنب نماذج التنمية المعيبة والشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الدول النامية.

 كما أنه من المهم أن تتخذ دول الخليج الخطوات النهائية لإتمام إصدار العملة الخليجية الموحدة في أقرب فرصة، فتحول العملة الخليجية إلى عملة دولية وإرتفاع سعرها لن يؤثر سلبياً على موقف الإقتصاديات الخليجية ولن يؤدي إلى إضعاف موقف صادراتها في الأسواق العالمية، حيث أن معظم صادرات دول الخليج هي من المواد الخام ومصادر الطاقة وهي سلع قليلة المرونة وذات طلب كبير ومتنامي، وعلية فإن إرتفاع سعر العملة الخليجية المتوقعة لن يؤثر سلبياً على صادرات دول الخليج، ولن يؤدي إلى تراجع في وضعها الإقتصادي وإنما سيضعها في موقف إقتصادي أفضل على الساحة الدولية.




تعليقات

التنقل السريع