نظريات مالية : الإستثمار فى الاقتصاد الكلي
لقد أصبح الهدف الأساسي من الاستثمار في
هذا العصر تعظيم ثروة المستثمر في ضوء التطور الذي حصل في الفكر المالي والنظرية
المالية، إذ يقع ضمن ذلك تحقيق الأرباح الذي يعد هدف تقليدي للمستثمرين، أي تحقيق
اكبر عائد بأقل درجة من المخاطر وإلى إنعاش الاقتصاد وزيادة الرفاهية وتوظيف
الأموال للحصول على العائد للمستثمر يحفزه على الاستمرار في مشروعه الاستثماري و
زيادته العائد وتنميته واستمرارية الحصول على الدخل والعمل على زيادته. وكذلك المحافظة على قيمة رأس المال الأصلي المستثمر في
المشروع (الأصول الحقيقية ) وتوفير مستوى مناسب من السيولة لضمان تغطية متطلبات
العملية الإنتاجية للمشروع .وكما ذكرنا
قبل قليل ان أصحاب الأعمال والشركات ينخرطوا في الاستثمار بهدف تحقيق مردودات وافرة من الربح ، لذلك نجد أن أهم القوى الاقتصادية التي
تحدد الاستثمار هي الإيرادات التي يتم
جنيها من جراء ذلك الاستثمار من خلال الطلب على الناتج الذي يتم الحصول
عليه من المشروع الاستثماري والتي تتأثر بصفة أساسية بأوضاع دورة النشاط الاقتصادي
، وتكاليف الاستثمار التي تتحدد من خلال
أسعار الفائدة والسياسة الضريبية ، وكذلك
التوقعات المستقبلية فالاستثمار غالبا ما
يكون تطلعاً للمستقبل فعندما تعتمد محددات الاستثمار على أحداث مستقبلية يصعب
التنبؤ بها والتي ترافق المشروع
الاستثماري الذي يحاول أن يحقق إيرادات تفوق التكاليف للبقاء في السوق من جهة
والتي تواجه الاقتصاد ككل من جهة أخرى لذلك
تكون من أكثر المكونات تقلبا في إجمالي الاستثمار.
اولا
: اهداف ومحددات الاستثمار:
هنالك عددا من الظروف والمتغيرات
الاقتصادية التي تحدد حجم ونشاط الاستثمار وهذه المحددات تمتاز بشموليتها وتأثيرها
المباشر على المستثمر والسوق وهي كالآتي :-
1-
يعد توافر الائتمان المصرفي عاملا محددا ومؤثرا على الاستثمار لدعم
وتشجيع الاستثمار.
2-
مدى توافر النقد الأجنبي لمتطلبات العملية الإنتاجية والخدمية التي يتم استيرادها من
الخارج.
3-
مدى توافر الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلد لكونهما من العوامل
المهمة في تهيئة مناخ استثماري مناسب.
4-
سعر الفائدة والكفاية الحدية لرأس المال والتقدم التكنولوجي للدولة
ودرجة المخاطر تُعد من العوامل المهمة التي توثر على القرار الاستثماري.
5-
تقلبات أسعار النفط عالمياً يُعد
من العوامل المهمة والمؤثرة ، فعند ارتفاع العوائد النفطية سيؤدي إلى توفير
تخصيصات اكبر من قبل الدولة على المشاريع التنموية ،مما لها الأثر في جميع مفاصل
المجتمع وبالتالي على الاستثمار.
ثانيا : منحنى الطلب على الاستثمار:
توجد علاقة وطيدة بين الطلب على
الاستثمار وسعر الفائدة، حيث ان سعر الفائدة يعتبر العامل الرئيسي للمبالغ
المقترضة للاستثمار ويمكن أن نطلق عليه تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار.
وتوجد
علاقة عكسية بين سعر الفائدة والطلب على الاستثمار، فكلما ارتفع سعر الفائدة زادت
تكلفة الاقتراض ومن ثم زيادة تكلفة الإنتاج وبالتالي تقل الاستثمارات، أي ان زيادة
الفوائد على القروض هي بمثابة مثبط للاستثمار.
وبالعكس
كلما انخفض سعر الفائدة كان ذلك دافع للمزيد من الاقتراض وبالتالي زيادة
الاستثمارات، لذا فإن تخفيض أسعار الفائدة بمثابة حافز للاستثمار.
ثالثا : العوامل المؤثرة في الطلب على الاستثمار:
يعد الحديث عن الاستثمار واهميته الشغل الشاغل لمتخذي القرار في الدول المختلفة، ذلك أن معظم الدول تسعي الى تشجيع المستثمرين باستخدام الحوافز الاستثمارية المختلفة لدفع عجلة التنمية في الاقتصاد وتحقيق معدلات عالية من التوظف، ولذلك من الضروري التعرف على أهم العوامل المؤثرة على الطلب على الاستثمار فيما يلي:
- التطور
التكنولوجي أو التقني:
ان التطور التكنولوجي والتقني يؤدي الي تخفيض تكاليف الاستثمار ومن ثم
تحفيز الاستثمار، وهذا ما نلمسه فى الدول الصناعية في تسابق وصراع فني وتكنولوجي،
وهذا يشجع على استخدام وسائل تكنولوجية حديثة في الإنتاج مما يخفض التكاليف ويساعد
علي زيادة الاستثمار.
2- التوقعات المستقبلية:
تؤثر التوقعات المستقبلية علي نوعية القرار الاستثماري، فالقرار
الاستثماري يرتبط عادة بالمستقبل ومن ثم فهو يتم في اطار حالة من عدم التأكد بسبب
كثرة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المؤثرة في ذلك .لذا فإذا توقع
رجال الأعمال حدوث ركود ،فان العديد من المستثمرين يحجمون عن الاستثمار ومن ثم
ينتقل منحنى الطلب علي الاستثمار الي أسفل اليسار، والعكس صحيح اذا توقع رجال
الأعمال حدوث رواج اقتصادي ،فان العديد من رجال الاعمال يقبلون على الاستثمار ومن
ثم يزداد الطلب على الاستثمار وينتقل منحنى الطلب علي الاستثمار الي اعلي اليمين.
3- الضرائب:
تلعب السياسة الضريبية دوراَ هاماً في تحفيز او تثبيط القطاعات
الاقتصادية، حيث ان تخفيف العبء الضريبي متمثلا في الإعفاءات الجمركية وتخفيض
ضرائب الدخل سيؤدى الي تشجيع الاستثمارات، ومن ثم انتقال منحنى الطلب على
الاستثمار لأعلي والعكس صحيح.
4- حجم الطلب ونموه:
إن زيادة الطلب على مختلف السلع والخدمات نموه لفترة زمنية طويلة
سيؤدى الي تشجيع الاستثمار لتلبية الطلب المتزايد، ولكي يحقق المستثمرين أرباح
أعلي، مما يؤدي الي انتقال منحنى الطلب على الاستثمار الي اعلى جهة اليمين.
5- الحوافز:
نعني بالحوافز التسهيلات التي تقدمها الدولة للمستثمرين، وتشمل
تسهيلات ائتمانية ودراسات جدوى مجانية للمشروعات المختلفة ومنح أراضي لإقامة
المشروعات بأسعار رمزية وغيرها، هذه الحوافز والتسهيلات ستؤدى الي زيادة الاستثمار
ومن ثم انتقال منحنى الطلب على الاستثمار لأعلي اليمين.
رابعا : نظريات الاستثمار :
توجد العديد من
النظريات والمدارس التي تحاول تفسير سلوك الاستثمار من خلال دراسة طبيعة العوامل
المحددة له ومن هذه النظريات:
- النظرية
الكينزية.
- نظرية
المعجل.
- نظرية
المعجل المرن.
- نظرية
التمويل الذاتي.
- نظرية
النيوكلاسيك. (التقليديين المحدثين)
- نظرية
توبن.
وتختلف النظريات عن بعضها البعض في طبيعة العوامل المحددة للقرار
الاستثماري، وتركز على عاملين الأول: تحديد الرصيد الأمثل لرأس المال ومحددات ذلك
الرصيد، والثاني: تحديد معدل الاستثمار اللازم للوصول الي الرصيد الأمثل لرأس
المال.
خامسا : العوامل المشجعة على الاستثمار:
تتمثل اهم العوامل التي
تشجع على الاستثمار فيما يلي:
1- السياسة الاقتصادية الملائمة :
يجب أن تتسم بالوضوح والاستقرار، وأن تنسجم القوانين والتشريعات معها
ويكون هناك إمكانية لتطبيق هذه السياسة، فالسياسة يجب أن تتوافق مع مجموعة من
القوانين المساعدة على تنفيذها، والقوانين يجب أن تكون ضمن إطار محدد من السياسة
الشاملة. إن الاستثمار يحتاج إلى سياسة ملائمة تعطي الحرية، ضمن إطار الأهداف
العامة، للقطاع الخاص في الاستيراد والتصدير وتحويل الأموال والتوسع في المشاريع،
ويجب أن تكون مستقرة، ومحددة، وشاملة. وهذا يعني ان تشجيع الاستثمار لا يتحقق في
قانون، وان احتوى الكثير من المزايا والاعفاءات والاستثناءات، بل يتحقق نتيجة جملة
من السياسات الاقتصادية المتوافقة التي توفر مستلزمات الإنتاج بأسعار منافسة من
ناحية، وتؤمن السوق والطلب الفعال لتصريف المنتجات من ناحية أخرى. وهذا من الممكن
ان يتوقف على:
·
اعادة توزيع الدخل وزيادة حصة الرواتب والاجور.
·
تشجيع التصدير وازالة كافة العقبات من امامه.
·
تطوير اجراءات التسليف وتنشيط المصرف الصناعي، وتخفيض سعر الفائدة على
القروض المقدمة للصناعيين، بشكل يساعد على تخفيض تكاليف الإنتاج ويسمح للمنتجات
بالمنافسة الخارجية.
ومن الجدير بالإشارة كذلك إلى ان الظروف الاقتصادية الخارجية لها
دورها في الاستثمار الداخلي مثل اسعار الفائدة العالمية، الأخرى، ومعدل الارباح،
وظروف الاستثمار من حيث حرية خروج راس المال ونقل الملكية في الدول.
2- البنية التحتية اللازمة للاستثمار:
وخصوصاً المناطق الصناعية
الملائمة من حيث توافر الكهرباء والماء
والمواصلات والاتصالات، بدرجة أفضل إن لم تكون مساوية لأغلب دول العالم. نظرية
التنمية الاقتصادية تشير إلى ضرورة توفر حد أدنى من هذه البنية ووضعها تحت تصرف
المستثمرين بأسعار معتدلة لكي تستطيع الاستثمارات المنتجة مباشرة الإنتاج بتكاليف
منافسة. ويندرج ضمن البنية التحتية ضرورة توفر الكفاءات والعناصر الفنية، والمصارف
الخاصة، وأسواق الأسهم والأوراق المالية، ومن المهم أن تكون أسعار عناصر الإنتاج
من كهرباء ومياه واتصالات وإيجارات وقيمة أراضي قليلة بحيث تشجع المستثمرين وتوفر
في تكاليف الاستثمار.
3- بنية إدارية مناسبة :
بعيدة عن
روتين إجراءات التأسيس والترخيص وطرق الحصول على الخدمات المختلفة، بحيث تنتهي
معاناة المستثمرين الذين يحصلون على موافقة مكتب الاستثمار من دوامة الحصول على
تراخيص مختلفة من وزارة الكهرباء والصناعة والتموين والبلديات. إن هناك ضرورة
لمساعدة المستثمرين وتخليصهم من مشقة متابعة هذه الإجراءات عن طريق توفير نافذة
واحدة ضمن مكتب الاستثمار تنهي للمستثمرين كافة الإجراءات المتعلقة بالوزارات
الأخرى.
4- ضرورة ترابط وانسجام القوانين مع بعضها البعض:
وعدم تناقضها ووضوحها، وعدم اختلافها مع
القرارات والسياسات المختلفة، وعدم تشعبها وتعديلاتها المتلاحقة مثل قوانين
الاستثمار والتجارة والمالية والجمارك. وضرورة تبسيط تلك القوانين وإنهاء إمكانية
الاجتهاد في تفسير نصوصها.

تعليقات
إرسال تعليق
رأيك مهم