انعكاسات اقتصاديات المعرفة على تنمية رأس المال الفكري
تعد المعرفة من أهم العناصر الفعالة التي يقوم عليها الاقتصاد الحديث باعتبارها ميزة تنافسية للمؤسسات، ولعل الدافع وراء الاهتمام بمستوى المعارف التي يمتلكها الأفراد داخل المؤسسة هو طبيعة العصر الحديث والذى يتسم بأن كافة الأنشطة والخدمات قائمة على المعرفة، أضف إلى ذلك أن العولمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أدت إلى حدوث انفجار معرفى، الأمر الذى أدى إلى الحصول على المعارف دون أي قيود وشروط تذكر ومن هنا ظهرت أهمية إدارة المعرفة كأحد أهم التطورات الفكرية المعاصرة لتعاظم دورها في تحقيق الميزة التنافسية، الأمر الذى جعل هناك اهتماماً متزايداً من جانب المؤسسات نحو تبني مفاهيمها وتطبيقها، خاصة في ظل التقدم التقني الهائل في ثورة وتقنية المعلومات التي يعيشها العالم في العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين، والتي تقوم بدورٍ هام في تنظيم ما لدى المؤسسات من خبرات ومهارات ومعارف للاستفادة منها في تحقيق أهدافها وتحقيق الإبداع والابتكار بداخلها.
و في الوقت الذى تتسارع فيه التطورات العالمية على الصعيد المعرفى والتكنولوجى والتقنى، أصبحت المعرفة المتمثلة في الخبرات الإنسانية والقيم محركاً للاقتصاد والتقدم الاجتماعى ومن أنفس الموارد وأكثرها فاعلية، فهى تعد سلاحاً هاماً لأى مؤسسة تريد تحقيق التقدم والتطور إذا ما تم إدارة معرفتها بشكل جيد وفعال.
وقد أصبحت المنافسة الحقيقية بين المؤسسات في بيئة إدارة
المعرفة تتمثل في محاولة بناء وتنمية رأس المال الفكري بكل الوسائل الممكنة حتى
ولو بجذب العناصر الفكرية المتميزة لدى المنافسين حيث أصبحت غالبية المؤسسات علي
وعي كامل بأن الحقيقية لا ترجع فقط الي عوامل مادية وانما ترجع ايضا الى عوامل أخرى
معنوية وفكرية ربما تكون اكثر أهمية وتتمثل في العوامل البشرية والتنظيمية والتي
يعبر عنها برأس المال الفكري والذي يعد هو
الأساس في ابتكار التقنيات والسبيل لتنفيذ الخطط الساعية الى بناء وتنمية القدرات
التنافسية في جميع مجالات العمل في المؤسسة التعليمية.
1- إدارة
المعرفة(Knowledge
Management) :
تعرف إدارة المعرفة
بأنها " التجمع المنظم للمعلومات من مصادر داخل المنظمة وخارجها وتحليلها
وتفسيرها واستنتاج مؤشرات ودلالات تستخدم في توجيه وإثراء العمليات في المنظمات
وتحقيق تحسين في الأداء والارتفاع إلى مستويات أعلى من الإنجاز.
كما تعرف بأنها استخدام التكنولوجيا لتسهيل الوصول إلى المعلومات أينما وجدت، ويركز هذا المنظور على البعد التكنولوجى في استخدام المعرفة حيث تساعد التكنولوجيا الحديثة والوسائط الإلكترونية في تسهيل نشر المعرفة بين الأفراد وجعلها متاحة أمام الأفراد داخل المؤسسات.
2- رأس المال الفكرى(Intellectual Capital) :
عرف رأس المال الفكرى أنه يتمثل في المورد البشرى الثمين ذات المقدرات الجوهرية والذى يمتلك القدرة على التحليل والإبداع ومواجهة المستجدات، والذى يمكن أن يؤثر في المنظمات وأدائها بفاعلية من خلال قدرته على إدارة كافة الأنشطة بالمنظمة.
وهناك من يشير إلى أن رأس المال الفكرى عبارة عن محصلة التفاعل بين رأس المال البشرى للمنظمة (مجموع ما يتمتع به العاملون من معارف وخبرات ومهارات)، ورأس مال هيكلى (ويتضمن البنية الأساسية والعوامل التنظيمية التي تدعم إنتاج العاملين)، ورأس مال العلاقات (ويشمل العلاقات التي تنميها المنظمة مع العملاء والمستفيدين من الخدمة) ورأس المال المؤسسى (وهو محصلة العلاقات الرسمية والمؤسسات المتعلقة بالمجال والقطاع التي تنتمي إليه المنظمة).
وطبقاً لهذا التعريف يتكون رأس المال الفكرى :
- § جملة الابتكارات والاختراعات والمقترحات والأفكار البناءة والحلول غير التقليدية والمميزة للمشكلات الحالية والمتوقعة في المستقبل، ويمثل هذا ناتج رأس المال البشرى.
- § جميع العلاقات التي تتكون بين العاملين داخل المنظمة والمنظمة ذاتها، أو بين المنظمة والمتعاملين معها، ويمثل هذا رأس مال العلاقات.
- § الهيكل الداخلى للإنتاج والحصول عليه والاستفادة من جميع المعلومات الداخلية والخارجية، ويمثل هذا رأس المال الهيكلى.
- § محصلة العلاقات الرسمية والمؤسسية المتعلقة بالمجال والقطاع الذى تنتمى إليه المنظمة، ويمثل هذا رأس المال المؤسسى.
- كما يعرف رأس المال الفكرى بأنه القيمة الاقتصادية لصنفين من الأصول غير الملموسة هما: رأس المال الهيكلى التنظيمى ورأس المال البشرى، حيث يشير رأس المال الهيكلى إلى الأشياء مثل حقوق ملكية أنظمة البرامج الجاهزة، وشبكات التوزيع والتجهيز، فيما يتضمن رأس المال البشرى الموارد البشرية داخل المؤسسة
3- المدخل الاقتصادى:
ويربط هذا المدخل بين مفهوم إدارة المعرفة ومفهوم اقتصاد المعرفة، ويرى أصحاب هذا المدخل أن المعرفة تتمثل في رأس المال الفكرى، والذى يتمثل في المعرفة الظاهرة التي يمكن قياسها وتداولها بين أعضاء هيئة التدريس والعاملين من جهة والجامعات من جهة أخرى، والتي يمكن أن تشكل قيمة مضافة لرأس المال المادى في الجامعة من خلال استثمارها، واكتساب ميزة تنافسية.
وتسعى إدارة المعرفة من خلال تلك المداخل إلى التأكيد على أهمية عملية الاستثمار في موارد المعرفة، والتركيز على عمليات إدارة المعرفة من خزن المعرفة وحفظها وتبادلها ومشاركتها وتطبيقها في بيئة العمل مما يحقق الهدف الأسمى من إدارة المعرفة وهو تحقيق المنظمة لأهدافها بفاعلية عالية والارتقاء بأداء أفرادها ومن ثم تحقيق التميز للمنظمة عن مثيلاتها في نفس المجال.
4- تأثير اقتصاديات المعرفة على تنمية رأس المال الفكري :
- تقوم التكنولوجيا الحديثة والتقنية الإلكترونية بدورٍ هام في تحقيق إدارة المعرفة لأهدافها حيث تساعد في تيسير نشر المعرفة بين الأفراد داخل المنظمة وسهولة الحصول على المعارف المختلفة، فلا إدارة للمعرفة بدون تكنولوجيا.
- تركز إدارة المعرفة على الكيفية التي يتم بها استخدام المعرفة لتحقيق أهداف المنظمة من خلال تحسين أداء الأعمال بداخلها والوصول بها إلى مستويات عليا من الجودة.
- تهتم إدارة المعرفة بالكيفية التي يتم بها تحويل المعرفة الضمنية الكامنة في رؤوس الأفراد داخل المنظمة إلى معرفة صريحة واضحة يمكن الاستفادة منها في الارتقاء بالمنظمة.
- تؤدى إدارة المعرفة بالمنظمات إلى تحقيق الجودة في كافة عمليات المنظمة الأمر الذى يؤدى إلى تميز المنظمة عن غيرها من المنظمات في نفس المجال.

تعليقات
إرسال تعليق
رأيك مهم