الاقتصاد الأخضر
أولا" : النُظم الرقمية والمنظومة البيئية :
لا شك أن نُظم وتطبيقات الإقتصاد الرقمي ساهمت بدور رئيسى فى التقليل من
ظاهرة التلوث البيئى الناتجة عن التخلص من النفايات الصلبة مثل الأوراق و الملفات،
و تحويل تلك المعاملات الورقية الى تعاملات رقمية ومميكنة تقلل من التلوث البيئي
الناتج عن تلك المخلفات الورقية كما يسهل الإحتفاظ بأرشيف لتلك البيانات والمعلومات
فى صورة مميكنة صغيرة الحيز والتخزين للغاية.
كما كان للأنظمة الرقمية بمختلف
أدواتها وتقنياتها دور كبير فى مكافحة إنتشار الأوبئة والأمراض التى تهدد صحة
وبقاء الفرد متمثلة فى فيروس كورونا المُعدي.
فيمكن للباحث القول بأن الإقتصاد
الرقمي هو النواه للإقتصاد الأخضر الذي يهدف للحد من مخاطر التدهور البيئي وكذا
تحقيق التنمية المستدامة لتلك الموارد البيئية.
§
حيث يُعرف الإقتصاد الأخضرGreen Economy بأنه :
حسب التعريف العملي الذي أستحدثته برنامج الأمم المتحدة للبيئة فى عام 2011([1])، عرف به الإقتصاد الأخضر بأنه إقتصاد يهدف إلى الحدّ من المخاطر البيئية وإلى تحقيق التنمية
المستدامة دون أن تؤدي إلى حالة من التدهور البيئي.
فالإقتصاد الأخضر يعنى على المستوى الإجتماعي بأنه إقتصاد يؤدي إلى تحسين
حالة الرفاهية لدى الإنسان ويحقق الإنصاف الإجتماعي والشمولية الإجتماعية.
وأما على المستوى الميداني فيمكن
تعريف الإقتصاد الأخضر بأنه إقتصاد يُوجَّه فيه النمو في الدخل والعمالة بواسطة إستثمارات
في القطاعين العام والخاص من شأنها أن تؤدي إلى تعزيز كفاءة إستخدام الموارد فى ظل
ظروف تغير المناخ، وإلى تخفيض إنبعاثات الكربون والنفايات والتلوّث ومنع خسارة
التنوّع الأحيائي وتدهور النظام الإيكولوجي.
وعلى أن تكون هذه الإستثمارات هي أيضاً موجّهة بدافع تنمية الطلب في
الأسواق على السلع والخدمات الخضراء والإبتكارات الرقمية التكنولوجية، وفى إطار
يضمن أن تكون الأسعار إنعكاساً ملائماً للتكاليف البيئية. ([2])
ثانيا" : النُظم الرقمية والتنمية المستدامة :
كما أن الأنظمة الرقمية ساهمت أيضا بشكل كبير فى تحقيق الأهداف التنموية
المستدامة فى مصر، ويمكن توضيح ذلك فى ضوء ما جاء بوثيقة الإتحاد الدولي للإتصالات
التابع لهيئة الأمم المتحدة, الذى جاء فيه دور الإقتصاد الرقمي فى تحقيق أهداف
التنمية المستدامة([3]) ومن هذه الأهداف ما يلى :
الهدف الأول: القضاء على الفقر:
لا يمتلك أكثر من ملياري نسمة من سكان العالم حسابات مصرفية، على الرغم من
أن النفاذ إلى الخدمات المالية الرقمية أثبت أنه يساعد على إنتشال السكان من الفقر.
ويحضرنا هنا تجربة مصرية رائدة نحو إتخاذ خطوة هامة من مبادرات إجتماعية
قدمتها الدولة مثل مبادرة (حياة كريمة) ومبادرة (تكافل وكرامة)، التى وفرت من
خلالها حسابات مصرفية بأسماء الأسر والأفراد محدودة الدخل للغاية يتم تقديم إعانات
شهرية لهم من خلال تلك الحسابات المصرفية ومما أتاح أيضا نشر الثقافة الرقمية لتلك
الطبقات الإجتماعية وإدماجهم فى البيئة الإقتصادية الرقمية.
الهدف الثانى: القضاء التام على الجوع :
وهذا من خلال جعل الممارسات الزراعية قائمة بشكل أكبر على البيانات الرقمية
بما يجعلها أكثر كفاءة، حيث يمكن للحلول المفعلة بتكنولوجيا المعلومات والإتصالات
أن تساعد المزارعين على زيادة المحاصيل المنتجة مع خفض إستهلاكهم من الطاقة، وذلك
عن طريق الإعتماد على الأنظمة والتقنيات والأجهزة والمعدات الرقمية المتطورة
وإستخدامها فى الممارسات الزراعية.
الهدف الثالث :الصحة الجيدة والرفاهية :
ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين التفاعل المباشر للمرضى والمعلومات الصحية
والطب عن بُعد من خلال توسيع نطاق إستخدام التكنولوجيا الرقمية في تعزيز توصيل
خدمات الرعاية الصحية .
الهدف الرابع: التعليم الجيد :
وهذا من خلال تشجيع وتنمية المهارات الرقمية للطاقات العاملة من
أجل تدريبهم وتأهيلهم للحصول على فرص العمل اللائق.
الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين :
يقل عدد النساء المتصلة بالإنترنت عن الرجال بنحو 250 مليون نسمة حول
العالم، لذا فهناك فجوة رقمية بين الجنسين، وهذا تغلبت عليه الدولة إلى حد كبير من
خلال بناء المهارات الرقمية وتشجيع نفاذ النساء إلى التكنولوجيا، وكذلك تشجيع شغل
الإناث للمناصب القيادية في قطاع التكنولوجيا.
الهدف السادس: المياه النظيفة والصرف الصحي :
كان واضحا ذلك من خلال مشروعات محطات المياه والصرف
الصحي الحديثة أن تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وأنظمة بيئة العمل الرقمية قد
يسرت الإدارة الذكية للمياه والصرف الصحي.
الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار ميسورة :
أمكن التوسع فى إنشاء شبكات الطاقة
الذكية من مساعدة الدولة في بناء أنظمة طاقة أكثر إنضباطاً وكفاءة وعملت كذلك على الحد
من إنبعاثات الكربون.
الهدف الثامن: النمو الإقتصادي :
ومن خلال تحفيز ريادة الأعمال المبتكرة والمتمحورة حول التقنيات الرقمية وتكنولوجيا
المعلومات والإتصالات تمكنت مصر من تحقيق طفرة في معدلات النمو الإقتصادي.
الهدف التاسع: الحد من أوجه عدم المساواة :
عن طريق تمكين كل المجتمعات وقطاعات السكان بمختلف الشرائح حتى المحرومة
بالمجتمع من النفاذ إلى التكنولوجيات والمعارف الرقمية تم تحقيق مستوى مقبول
للغاية من المساواة بين طبقات المجتمع بمختلف شرائحه الإجتماعية.
الهدف العاشر: المدن والمجتمعات الذكية :
لا شك أن النظم التكنولوجية المستحدثة ساهمت فى تسهيل الإنتقال إلى مدن
ذكية مستدامة قائمة على أسس البناء الرقمي المتطورة والحديثة من خلال إنشاء
مجتمعات عمرانية جديدة، وذلك في محاولة للقضاء على التكدس والزحام العمراني
والبناء العشوائي الذي كان يعكس صورة سلبية للغاية عن الواجهة المعمارية والحضارية
للدولة.
الهدف الحادى عشر: الإستهلاك والإنتاج :
إن المشكلة اليومية التي تؤرق
الأجهزة الإدارية لأي دولة هو كيفية التخلص ومعالجة المخلفات والنفايات الناتجة عن
الإستهلاك والإنتاج، وخاصة التخلص الدائم من المخلفات الإلكترونية أي المخلفات
التي تتولد عن نظم وتقنيات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نظرا لصعوبة تحللها
وإتصاف بعض مكوناتها فى حالة تلفها بالضرر البالغ على الصحة العامة، وعلى نحو يتسم
بالمسؤولية تم تنفيذ إستراتيجيات ومعايير وسياسات توفر مبادئ توجيهية من أجل الإدارة المستدامة للمخلفات
الإلكترونية وتحقيق المنافع الصحية والبيئية منها.
الهدف الثانى عشر: الإجراءات المتعلقة بتغير المناخ :
وقد عملت الدولة المصرية على تحقيق تلك الإجراءات من خلال وضع معايير بشأن مراكز البيانات الرقمية المراعية للبيئة .
مما سبق يتضح لنا أن أنظمة وتقنيات الإقتصاد الرقمي
كان لها دور بالغ الأهمية فى تحقيق الأهداف التنموية المستدامة فى مصر سواء على
الصعيد الإقتصادي أو البيئي أو الإجتماعي بالدولة، وبات من الواضح لنا جليا أن الإعتماد على
الأنظمة الإقتصادية الرقمية في أداء تعاملاتنا الحياتية اليومية سواء العادية أو
الرسمية أصبح ركيزة أساسية لا يمكن التغاضي أو الإستغناء عنها.
ولكن الواقع العملي أثب لنا أن أي تجربة حديثة لا يكتب لها النجاح الكامل
دون مواجهة مشاكل عند تطبيقها والتي قد يصعب التعامل معها أو التغلب عليها، أو قد
تواجه عوائق تمثل تحدي شاق من أجل عبورها أو تفاديها، وأيضا في ظل التطور الهائل
والمستمر هناك دائما مخاطر تصاحب مسايرة كل ما هو جديد وخاصة في مجتمعاتنا
العربية.
تعليقات
إرسال تعليق
رأيك مهم