دور عمليات السوق المفتوحة
فى تحقيق النمو الاقتصادي بمصر
البنوك المركزية حول العالم لها دوراً كبيراً في تحركات
الأسواق المالية، فهي مسؤولة عن تنفيذ السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار والنمو
الاقتصادي.
وتتحكم البنوك المركزية، و هي مؤسسات مستقلة ذات طبيعة
اعتبارية عامة، بالمعروض النقدي و أسعار الفائدة، و التي تؤثر مباشرة بسعر الصرف
وبالتالي بسوق العملات الأجنبية.
كما تؤثر قرارات
البنوك المركزية في أسواق الأسهم و ذلك بسبب العلاقة المباشرة بين مستويات الفائدة
وحركة المؤشرات، حيث في عمليات الاسواق المالية يقوم البنك المركزي بشراء وبيع
الأوراق المالية الحكومية للتحكم في المعروض النقدي، فعندما يشتري البنك المركزي
الأوراق المالية، فإنه يضخ الأموال في النظام المالي، ويزيد المعروض النقدي ويشجع
الإنفاق والاستثمار.
وعلى العكس من ذلك، فإن بيع الأوراق المالية يقلل من
المعروض النقدي، ويضعف النشاط الاقتصادي عن طريق سحب السيولة من السوق، وتؤثر هذه
الإجراءات بشكل مباشر على أسعار السندات وعوائدها، مما يؤثر على سلوك المستثمرين و
توقعاتهم ايضاً.
إن تأثير قرارات البنوك المركزية على الأسواق المالية
غالباً ما يكون بعيد المدى، حيث تدير البنوك المركزية السياسة النقدية بتعديل عرض
النقود من خلال شراء الأوراق المالية أو بيعها في السوق المفتوحة، وتؤثر عمليات
السوق المفتوحة على أسعار الفائدة قصيرة الأجل، التي تؤثر بدورها على الأسعار
الأطول أجلا والنشاط الاقتصادي.
عندما تخفض
البنوك المركزية أسعار الفائدة، تصبح السياسة النقدية تيسيرية. وعندما ترفع أسعار
الفائدة، فإن السياسة النقدية تكون متشددة، لذلك من المهم فهم قرارات البنوك المركزية ومتابعة اجراءاتها
لمعرفة مدى تأثيرها على تحقيق المستهدف من استخدم ادوات السياسة النقدية فى تحقيق
المرجو من تطويع تلك الاداه فى رفع معدلات
النمو الاقتصادي وزيادة الكفاءة النقدية.
مشكلة البحث :
تتمثل مشكلة البحث فى معرفة مدى تأثير قرارات البنك
المركزي كسلطة نقدية فى تطويع ادوات السياسة النقدية من خلال عمليات الاسواق
المالية فى مصر من اجل تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي المستدام.
تساؤلات البحث :
يكمن التساؤل الرئيسي فى معرفة مدى قدرة الاستثمارات فى سوق
الاوراق المالية المصرية في تحقيق البنية التحتية والتنمية الاقتصادية التي تسعى
مصر في تحقيقها لتسير في صفوف الاقتصاديات الناشئة؟
لذلك فإن الهدف من البحث الاجابة عن التساؤلات التالية :
1.
ما هي البنوك المركزية وما وظائفها وما هى مواردها
واستخداماتها؟
2.
ما هى سياسة السوق المفتوح كسياسة نقدية ؟
3. وما دورها السياسات
النقدية والمالية فى استهداف معدلات النمو الاقتصادي فى مصر؟
أهداف البحث :
تتمثل اهداف البحث في بيان مدى فاعلية الاستثمارات
الحكومية فى الاوراق المالية والسندات من خلال عمليات التبادل فى الاسواق المالية التى
تنتهجها السلطات النقدية فى احتواء الاثار السلبية للمشكلات الاقتصادية.
أهمية البحث :
تتمثل اهمية البحث في كونه يقدم توضيح لأثر استخدام
السلطات النقدية من خلال ادوات السياسة النقدية فى حل المشكلات والعقبات التى
تعرقل معدل نمو واستقرار الاقتصاد فى مصر.
خطة البحث :
تتمثل خطة البحث فيما يلي :
(أ)
معرفة أهمية السياسة النقدية وانواعها.
(ب) توضيح الفرق بين السياسة
النقدية والمالية.
(ت) معرفة دور البنك المركزي كسلطة نقدية ووظائفه.
(ث) تقييم دور عمليات السوق
المفتوح كاحد ادوات السياسة النقدية فى تحقيق النمو الاقتصادي.
أولا: تعريف السياسة النقدية وانواعها وادواتها :
1-
مفهوم السياسة
النقدية :
تأتي السياسات النقدية في مقدمة السياسات الاقتصادية الكلية ، والتي يتم اللجوء إليها لتصحيح الاختلالات في الاقتصاد، إلى جانب حماية العملات الوطنية من التدهور، حيث يتم تعريفها على أنها مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يقوم بها البنك المركزي أو السلطات النقدية من أجل إحداث أثر على الاقتصاد ومن أجل ضمان استقرار الأسعار والصرف، ومن ثم الوصول إلى تحقيق زيادة معدلات النمو الاقتصادي.
وبالتالي فإن اهداف السياسة النقدية هى : السيطرة على التضخم، تعزيز النمو الاقتصادي،التوظيف الكامل للطاقة التشيغيليه، تحقيق استقرار للعملة الوطنية، وضمان استقرار النظام المالي.
2-
انواع السياسة
النقدية :
يمكن تصنيف السياسة النقديّة على أنّها توسعية أو انكماشية، حيث :
(أ)
السياسة النقدية التوسعية تهدف إلى زيادة النمو والنشاط
الاقتصادي ويتم استخدامها في حالات الركود الإقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة.
حيث
تقوم هذه السياسة بتخفيض أسعار الفائدة من خلال اتباع التدابير المختلفة لتوفير
المال وتشجيع الإنفاق، كما أنها تزيد من عرض العملة في الأسواق لتعزيز الاستثمار
والإنفاق الاستهلاكي، مما يساعد الشركات والأفراد على الحصول على القروض بأسعار
مخفضة لتوسيع الأنشطة الإنتاجية، والإنفاق على السلع الاستهلاكية الكبيرة.
(ب) اما السياسة النقدية الانكماشية تهدف السياسة النقدية الانكماشية إلى الحد من التضخم عن طريق زيادة أسعار الفائدة وتقليل المعروض من النقود، مما يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة، إلا أن ذلك يكون ضروري للحد من التضخم الذي يؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة.
3- ادوات السياسة النقدية فى السيطرة على حجم النقود المعروضة :
تتبع البنوك المركزية العديد من الطرق للسيطرة على
النقود المعروضة في الدولة، ومن الأساليب الأكثر شيوعاً عمليات السوق المفتوحة
التي تؤثّر على أسعار الفائدة في هذه الأسواق، والتي تتمّ عن طريق شراء أو بيع
الأوراق الماليّة الحكوميّة، حيث إنّ شراء الأوراق الماليّة يخلق تدفّقات نقديّة
للبنوك، لتتمكّن من إقراضها للبنوك الأخرى ما يؤدي إلى تخفيض أسعار الفائدة،
ويحدث العكس في حال قامت البنوك ببيع الأوراق المالية.
وتهتم السياسات النقدية الحديثة باستخدام العديد من الأدوات التي من شأنها الحد من الاثار السلبية الناتجة عن انخفاض أسعار الفائدة، ومن أهم هذه الأدوات ما يلي:
(أ)
التيسير الكمّي: وتتمّ عن طريق شراء الأصول الماليّة مباشرةً من البنوك
التجاريّة والمؤسسات الخاصة وذلك لضخ النقود بشكل مباشرة في الاقتصاد.
(ب) تواريخ الاستحقاق المعدلة: وتتمّ عن طريق تحويل الديون في البنوك المركزيّة من
تواريخ استحقاق قصيرة الأجل إلى تواريخ استحقاق طويلة الأجل أو العكس؛ بهدف زيادة
أو تقليل كمّة النقود المتاحه في الاقتصاد.
ثانيا: الفرق بين السياسة النقدية والمالية :
1- مفهوم السياسة المالية :
السياسة الماليةعلى أنها سياسة تربط بين الإنفاق
والإيرادات الحكومية التي تم وضعها لمواجهة التقلبات الاقتصادية من أجل تخفيض نسب
البطالة ومعدّلات التضّخم أو القضاء عليها، بالإضافة إلى تحقيق نموّ اقتصاديّ،
وذلك عبر السلطة المالية بالدولة متمثلة فى وزارة المالية.
حيث تُحفّز الحكومات الاقتصاد في حالات الركود من خلال زيادة عرض النقود، أمّا في حالات التوسّع الاقتصادي فتحدّ الحكومة من النموّ الاقتصاديّ المُتسارع من خلال فرض الضرائب لتحقيق فائض للميزانيّة، وأيضاً حتّى تتجاوز الإيرادات النفقات لتعمل بشكلٍ مستقلّ عن السياسة النقديّة التي تُحاول تحقيق نفس الأهداف من خلال التحكّم في عرض النقود.
2- ادوات السياسة المالية :
تؤثّر السياسة الماليّة في الدولة على الاقتصاد من خلال الإنفاق والضرائب، حيث تعمل إلى جانب السياسة النقديّة التي تُنفّذها البنوك المركزيّة، كما تؤثّر على الاقتصاد من خلال العرض النقديّ وأسعار الفائدة، وتهدف السياسة الماليّة إلى خلق نموّ اقتصاديّ جيّد، حيث يجب أن يتراوح النموّ الاقتصاديّ ما بين 2% إلى 3% سنويّاً، وأن تكون معدّلات البطالة الطبيعيّة من 4.7% إلى 5.8%، كما يجب أن يكون التضخّم في مستواه الطبيعي وهو 2%، ومن الأدوات المستخدمة في السياسات الماليّة ما يأتي:
(أ)
الضرائب:
تتضمّن الضرائب كلّاً من الدخل والمكاسب الماليّة التي يتمّ الحصول عليها من
الاستثمارات، والعقارات، والمبيعات، حيث توفّر الضرائب الدخل الذي يُموّل الحكومة،
إلّا أنّها غير مُحبّذة لدى معظم الناس لأنّ العديد من الجهات الخاضعة للضريبة
تمتلك دخلاً منخفضاً لا يُمكّنها من دفع الضرائب المستحقّة.
(ب)
الإنفاق الحكوميّ: يشمل الإعانات ومدفوعات التحويل؛ كبرامج الرعاية
الاجتماعيّة، ومشاريع الأشغال العامّة، والرواتب الحكوميّة، إذ يذهب جزءاً من
الميزانيّة في الحكومات الفيدراليّة إلى برامج المعونات الاجتماعيّة، حيث إنّه
كلّما تقدّم السكان في السن كلّما ارتفعت تكاليف الرعاية الطبيّة والضمان
الاجتماعيّ الخاصّة بهم.
3- انواع السياسة المالية :
وتنقسم السياسة المالية إلى نوعان:
(أ) السياسة المالية التوسعية :
تقوم الحكومة
بتطبيق السياسة التوسعية في حالات الركود، وتعتمد هذه السياسة على زيادة السيولة
في الدولة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي أو خفض الضرائب بهدف تحفيز الاقتصاد من
أجل العودة للتوازن الاقتصادي والاجتماعي. كذلك يطلق عليها “السياسة التسهيلية".
(ب) السياسة المالية الانكماشية :
تقوم وزارة المالية
بتطبيق السياسة المالية الانكماشية في حالات الفجوة التضخمية، وتعتمد هذه السياسة
على خفض السيولة في الدولة عن طريق تقليل الإنفاق الحكومي أو رفع الضرائب أو الجمع
بينهما بهدف خفض الطلب على من أجل العودة للتوازن الاقتصادي والاجتماعي. كذلك يطلق
عليها “السياسة التشددية”.
مما سبق يتضح لنا أن كلا من السلطة النقدية والسلطة المالية تعملان معا من اجل تحقيق نفس الغرض الاقتصادي، وذلك مع اختلاف الادوات والاجراءات فى تحقيق ذلك الغرض.
ثالثا: البنوك المركزية :
1- ما هو البنك المركزي؟
البنوك
المركزية هي القوة الدافعة وراء إقتصاد كل بلد في هذا العالم، وهي تلعب دوراً
مهماً للغاية فيما يتعلق بنمو المجتمعات وإستدامتها، وتستخدم مجموعة متنوعة من
الأدوات للحفاظ على جميع الجوانب النقدية الواسعة تحت السيطرة.
فيمكن تعريف البنك المركزي على أنه:
هو مؤسسة مالية تملك سلطة كاملة للتحكم بالمعروض
النقدي في بلد واحد أو عدة دول، كما أنه البنك الوحيد الذي يملك صلاحية إصدار نقود
جديدة، كما يعرف البنك المركزي بأنه "بنك للبنوك" حيث يلعب البنك
المركزي أيضاً دوراً مهماً في تنظيم عمل البنوك حيث يحدد الإحتياطي النقدي
الإلزامي الذي يتوجب على كل بنك الإحتفاظ به.
بعض
البنوك المركزية معروفة أكثر من غيرها خاصة أنها تؤثر على البلدان الأخرى عندما
تستخدم أدواتها، على سبيل المثال الإحتياطي الفيدرالي، وهو البنك المركزي للولايات
المتحدة أمّا البنك المركزي الأوروبي، هو البنك المركزي لمنطقة اليورو بأكملها.
ويوجد بنوك مركزية قوية ومعروفة أخرى منها البنك الوطني السويسري، وبنك إنجلترا،
وبنك الشعب الصيني، وبنك اليابان.
تضمن
البنوك المركزية صحة إقتصاد ذلك البلد من خلال تنظيم كمية الأموال المتاحة في
التداول. كما أنها تغير أسعار الفائدة بمرور الوقت، وتطبع النقود إذا لزم الأمر، وتضع متطلبات الإحتياطي للبنوك
للتحكم في المعروض من النقود.
وتشمل بعض الأدوات الأخرى التي تستخدمها البنوك المركزية عمليات السوق المفتوحة والتيسير الكمي وهو عملية شراء أو بيع السندات والأوراق المالية الحكومية.
2- أدوات السياسة النقدية بالبنوك المركزية :
(أ) سعر الفائدة:
من
أهم الأدوات المتاحة لدى البنوك المركزية للتأثير في الإقتصاد هي سعر الفائدة، فمن
خلال تحديد سعر الفائدة القياسي، تؤثر البنوك المركزية على تكلفة الاقتراض بالنسبة
للبنوك الأخرى، وبالتالي للشركات والأفراد.
إن تغيير أسعار الفائدة له تأثير على أسعار
الأصول، مما يؤثر على تقييم السندات والأسهم والأدوات المالية الأخرى.
كقاعدة
عامة يقوم البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة عند ارتفاع مستويات التضخم، و ذلك من
أجل تخفيض الإنفاق العام و السيطرة على الأسعار. و العكس صحيح فيقوم البنك المركزي
بتخفيض سعر الفائدة عند تراجع مستويات التضخم و ذلك لتحفيز النمو الإقتصادي و
تشجيع الإنفاق.
(ب) البنك المركزي و أسعار الصرف :
إن
أسعار صرف العملات هي الأكثر تأثراً بقرارات و سياسات البنوك المركزية. حيث يمكن
للبنوك المركزية التدخل في سوق الصرف الأجنبي و ذلك عن طريق بيع و شراء عملاتها
ضمن استراتيجياتها لتحقيق الاستقرار الإقتصادي أو تغيير قيمة العملة مقارنة
بالعملات الأخرى. تؤثر التغيرات في أسعار صرف العملات على التجارة الدولية ويمكن
أن تؤثر على القدرة التنافسية للصناعات المحلية.
(ت)
عمليات
السوق المفتوحة:
في
عمليات السوق المفتوحة يقوم البنك المركزي بشراء وبيع الأوراق المالية الحكومية
للتحكم في المعروض النقدي. عندما يشتري البنك المركزي الأوراق المالية، فإنه يضخ
الأموال في النظام المالي، ويزيد المعروض النقدي ويشجع الإنفاق والاستثمار. وعلى
العكس من ذلك، فإن بيع الأوراق المالية يقلل من المعروض النقدي، ويضعف النشاط
الاقتصادي عن طريق سحب السيولة من السوق. تؤثر هذه الإجراءات بشكل مباشر على أسعار
السندات وعوائدها، مما يؤثر على سلوك المستثمرين و توقعاتهم ايضاً.
(ث)
أدوات
السوق الأخرى:
تستخدم
البنوك المركزية أيضًا أدوات السياسة النقدية غير التقليدية، مثل التيسير الكمي و
ذلك خلال فترات الضغوط الاقتصادية. يتمثل التيسير الكمي بالقيام بعمليات شراء
واسعة النطاق للأصول المالية، وعادة ما تكون الأوراق المالية الحكومية والخاصة
طويلة الأجل. مما يعزز السيولة المتاحة في الإقتصاد، ويتسبب في انخفاض أسعار
الفائدة طويلة الأجل، ويحفز النشاط الاقتصادي. بالرغم من فعالية التيسير الكمي إلا
انه ليس من المفضل الاستمرار به لوقت طويل و لذلك لتجنب تشوه أسعار الأصول.
رابعا: عمليات السوق المفتوحة واثرها على الاقتصاد :
1- مفهوم عمليات السوق المفتوحة :
تشير
عمليات السوق المفتوحة إلى شراء وبيع الأوراق المالية الحكومية من قبل البنك المركزي في السوق المفتوحة، والهدف الأساسي من هذه العمليات
هو إدارة عرض النقود في الاقتصاد، وبالتالي التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل.
فعندما
يشتري البنك المركزي الأوراق المالية الحكومية، فإنه يضخ السيولة في النظام
المصرفي، مما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي. وعلى العكس من ذلك، عندما تبيع
الأوراق المالية الحكومية، فإنها تمتص السيولة، مما يقلل من المعروض النقدي.
على
سبيل المثال، دعونا نفكر في سيناريو يريد فيه البنك المركزي تحفيز النمو
الاقتصادي. وفي مثل هذه الحالات، يجوز لها اختيار شراء الأوراق المالية الحكومية
من البنوك التجارية. ومن خلال القيام بذلك، فإنه يزيد من الاحتياطيات التي تحتفظ
بها البنوك، وتمكينها من إقراض المزيد من الأموال للشركات والأفراد ويحفز هذا الإقراض المتزايد النشاط الاقتصادي، حيث يمكن للشركات الاستثمار
في التوسع ويمكن للمستهلكين الحصول على الائتمان للمشتريات.
2- اهمية عمليات السوق المفتوحة كاداة سياسة نقدية:
تلعب
عمليات السوق المفتوحة دوراً حاسماً في أداء اقتصاد البلد فهى أداة للتأثير
الاقتصادي حيث تستخدم البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أداة السياسة النقدية هذه للتأثير على أسعار الفائدة وإدارة السيولة وتحقيق الاستقرار في الأسواق المالية.
وتعتبر عمليات السوق المفتوحة أداة رئيسية للبنوك المركزية لتنفيذ السياسة النقديةحيث
من خلال تعديل المعروض النقدي يمكن للبنوك المركزية التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مما يؤثر بدوره على تكاليف الاقتراض للشركات والأفراد، وبالتالي تشجع أسعار الفائدة المنخفضة على الاقتراض والاستثمار، مما يعزز النمو الاقتصادي. ومن ناحية أخرى، يمكن
أن تساعد أسعار الفائدة المرتفعة في الحد من الضغوط التضخمية وتهدئة الاقتصاد المتضرر من ارتفاع معدلات
التضخم.
3- استراتيجية عمليات السوق المفتوحة فى التأثير على الاقتصاد :
تلعب
عمليات السوق المفتوحة (OMOs) دوراً حاسماً في تشكيل الاقتصاد من خلال التأثير على المعروض من المال
والائتمان في النظام المالي، حيث تتضمن تلك الأداة فى السياسة النقدية التي تنفذها
البنوك المركزية، شراء وبيع الأوراق المالية الحكومية في السوق المفتوحة. ومن خلال
القيام بذلك، يمكن للبنوك المركزية أن تؤثر بشكل مباشر على الاحتياطيات التي تحتفظ
بها البنوك التجارية وبالتالي التأثير على أسعار الفائدة وادارة التضخم والنشاط الاقتصادي العام، وذلك من خلال ما
يلي :
(أ) التحكم في أسعار الفائدة :
أحد
الأهداف الأساسية لعمليات السوق المفتوحة هو التحكم في أسعار الفائدة، فعندما يشتري البنك المركزي الأوراق
المالية الحكومية من البنوك التجارية فإنه يضخ الأموال في النظام المصرفي، ونتيجة
لذلك تزداد الاحتياطيات الفائضة التي تحتفظ بها البنوك، مما يؤدي إلى فائض في
الأموال المتاحة للإقراض،يؤدي هذا الفائض إلى انخفاض أسعار الفائدة، مما يجعل
اقتراض الأموال أرخص بالنسبة للشركات والأفراد.
وعلى العكس من ذلك، عندما يبيع البنك المركزي
الأوراق المالية الحكومية، فإنه يمتص الأموال من النظام المصرفي، مما يقلل
الاحتياطيات الزائدة ويزيد أسعار الفائدة. ومن خلال تعديل المعروض من الأموال من
خلال عمليات OMO، يمكن
للبنوك المركزية إدارة أسعار الفائدة بشكل
فعال لتحفيز النشاط الاقتصادي أو إبطائه.
(ب) إدارة التضخم والانكماش :
تلعب
عمليات السوق المفتوحة أيضاً دوراً حيوياً في إدارة التضخم، عندما يريد البنك المركزي الحد من الضغوط التضخمية في الاقتصاد،
يمكنه بيع الأوراق المالية الحكومية
في السوق المفتوحة. وهذا يقلل من المعروض النقدي المتاح، مما يجعل الاقتراض أكثر
تكلفة بالنسبة للشركات والأفراد. وبالتالي، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي
إلى تخفيض الإنفاق والاستثمار، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الإجمالي وربما تقليل
الضغوط التضخمية.
من
ناحية أخرى، خلال أوقات الانكماش الاقتصادي أو انخفاض التضخم، يمكن للبنوك المركزية شراء الأوراق المالية الحكومية لضخ
الأموال في النظام، وتحفيز الاقتراض والإنفاق، وتعزيز النشاط الاقتصادي.
4- أدوات السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري:
الادوات المستخدمة في الوقت الحالي من قبل البنك المركزي المصري تتمثل فيما يلي:
(أ) الاحتياطي الالزامي:
في ظل تطبيق نظام الاحتياطي الالزامي يفرض البنك المركزي نسبة محددة من إجمالي ودائع العملاء بالجهاز المصرفي يتم إيداعها لدى البنك المركزي دون حصول البنوك على عائد مقابل الإيداع خلال 14 يومًا وهي فترة الاحتياطي الحالية. يتم حساب نسبة الاحتياطي باستخدام الرصيد القائم لودائع العملاء لدى الجهاز المصرفي للشهر السابق لفترة الاحتياطي.(ب) التسهيلات القائمة
يوفر البنك المركزي المصري للجهاز المصرفي أداة
التسهيلات القائمة وهما تسهيلي الإيداع والإقراض لمدة ليلة واحدة وذلك لتنفيذ
قرارات لجنة السياسة النقدية حيث أن سعر العائد على الودائع لمدة ليلة واحدة هو
الحد الأدنى لنظام الكوريدور بينما الحد الأقصى هو سعر العائد على القروض الممنوحة
للجهاز المصرفي لمدة ليلة واحدة. تعتبر التسهيلات القائمة أداة تيسيريه تحت تصرف
الجهاز المصرفي يستخدمها حسب الحاجة لإدارة أوضاع السيولة.
(ت) عمليات ربط الودائع
يقوم البنك المركزي المصري بعمليات ربط ودائع لامتصاص فائض السيولة الهيكلي لدى الجهاز المصرفي.بالاضافة الى ذلك هناك ادوات
غير نشطة في الوقت الحالي من قبل البنك المركزي المصري حيث استخدم البنك المركزي المصري العديد من عمليات السوق المفتوحة الأخرى غير
النشطة حاليًا ولكن يمكن استخدامها مرة أخرى حسبما يراه البنك المركزي المصري
ضروريًا. وتنقسم تلك العمليات إلي:
1- عمليات امتصاص السيولة من خلال :
(أ) عمليات ربط ودائع بمعدل عائد متغير : حيث في عمليات ربط الودائع بمعدل عائد
متغير والذي يتم تثبيته حتى تاريخ الاستحقاق أي لا يتغير مع قرارات لجنة السياسة
النقدية سواء بخفض أو رفع سعر العملية الرئيسية.
(ب) شهادات إيداع البنك المركزي المصري شهادات إيداع البنك
المركزي المصري هم أدوات تم استخدامها سابقًا من قبل البنك المركزي المصري لامتصاص
فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي وقد تم إصدار هذه الأدوات بأسلوب الخصم وقابلة
للتداول في السوق الثانوي. توقف البنك المركزي المصري عن إصدار الشهادات عام 2007.
2-
عمليات ضخ السيولة من خلال عمليات إعادة الشراء :
حيث خلال فترات
عجز السيولة بالدولة، استخدم البنك المركزي المصري عمليات إعادة الشراء كأداة
لتلبية حاجة البنوك للسيولة. تم إجراء آخر عملية إعادة الشراء في يوليو 2013.
ويعتبر عقد إعادة الشراء هو شكل من أشكال الإقراض الذي تقوم
به البنوك المركزية لتوفير السيولة، وهو في الأساس اتفاق لشراء الأصول المالية، أي
أذون الخزانة، مع الالتزام بإعادة بيعها بسعر محدد مسبقًا، وقد أجرى البنك المركزي
المصري عمليات إعادة الشراء لتوفير السيولة للجهاز المصرفي حيث كانت البنوك ملزمة
بتقديم ضمانات، وتعتبر أذون الخزانة هي الشكل الحالي المقبول للضمانات من قبل
البنك المركزي المصري.
وحسب
بيانات البنك المركزي المصري فقد شهدت الفترة يوليو/ ديسمبر من السنة المالية 2022-2023 ارتفاع في متوسط حجم السيولة، والتي
قام البنك المركزي بامتصاصها من خالل اداة السياسة النقدية وهى عمليات السوق
المفتوح.
حيث بلغ متوسط السيولة نحو 5.736 مليار جنيه في
نهاية ديسمبر 2022 مقابل 8.695 مليار جنيه في نهاية سبتمبر 2022 ،بزيادة قدرها 7.4 مليار جنيه وساهم في تلك الزيادة بصورة
اساسية قيام وزارة المالية بقبول عطاءات من الاذون والسندات اقل من المسترد منها
خالل الفترة، وكذا زيادة الانفاق الحكومي على أوجه النشاط المختلفة.
وقد استمر البنك المركزي بامتصاص فائض السيولة لدى الجهاز المصرفي من خلال عمليات ربط ودائع اطول اجلا بعائد متغير للبنوك حيث تراوح آجال تلك العمليات ما بين 28 و 112 يوما خلال تلك الفترة، وقد بلغ متوسط رصيد هذه الودائع في نهاية ديسمبر 2022 نحو 8.545 مليار جنيه بنسبة 74 ٪من اجمالي السيولة التي قام البنك المركزي بامتصاصها.
5-
مزايا ومخاطر
عمليات السوق المفتوحة :
تعد
عمليات السوق المفتوحة أداه قوية تستخدمها البنوك المركزية للتأثير على الاقتصاد،
حيث أنها توفر فوائد مثل التحكم في أسعار الفائدة، والمرونة فى تعديل السياسة
النقدية، ودعم السيولة، واستقرار السوق.
ومع
ذلك، فإنها تأتي أيضاً مصحوبة بمخاطر، بما في ذلك ما يلي :
(أ) تشوهات السوق يمكن أن يؤدي شراء أو بيع الأوراق المالية الحكومية على نطاق
واسع إلى تشويه ظروف السوق المالية، مما يؤدي إلى تقلب الأسعار أو مشاكل في
السيولة.
(ب) الضغوط التضخمية، فاذا ضخت البنوك المركزية الكثير من الأموال في النظام من خلال عمليات السوق المفتوحة، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط تضخمية. ويكتسي هذا الخطر أهمية خاصة في الاقتصادات التي تعاني بالفعل من معدلات تضخم مرتفعة أو عرض نقدي مفرط.
التوصيات :
1- لاشك أن هناك عوامل عديدة تحكم توجهات البنوك المركزية
في إدارة السياسة النقدية، ولعل من أهم هذه العوامل على المستوى الكلى فض
التشابكات بين السياستين المالية والنقدية وذلك من خلال زيادة قدرات البنوك المركزية
وضمان استقلاليتها، والتنسيق الكامل بين الجهات المسئولة عن رسم وتنفيذ السياسة
المالية والبنوك المركزية في إطار السياسة الاقتصادية للدولة.
2- يجب ان يكون هناك سلطة اقتصادية واضحة تعمل على تنظيم
وادارة السياسات الاقتصادية والاشراف على تنفيذ وادارة ادواتها.
3- يجب على البنوك المركزية مراقبة المؤشرات الاقتصادية عن
كثب مثل مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، ومؤشر أسعار المنتجين (PPI)، ونمو الناتج المحلي الإجمالي لتقييم مستوى التضخم أو الانكماش في
الاقتصاد، وهذه المعلومات ضرورية لاتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بعمليات السوق المفتوحة.
4- يتعين على البنوك المركزية أن تكون حذرة في عملياتها
لتجنب تعطيل الأداء السلس للأسواق المالية وحدوث تشوهات للاسواق المالية من تقلب
فى الاسعار او مشاكل فى السيولة.
5- لابد من احكام السيطرة على المتغيرات الاقتصادية الطارئة
وضمان فعالية التأثير فيها باستخدام الأدوات النقدية غير المباشرة وذلك من خلال ضمان
جودة و سرعة تدفق المعلومات، وضمان فعالية استخدام ادوات السياسة النقدية الملائمة, وذلك من اجل العمل
على تحييد آثار الصدمات الاقتصادية الخارجية.
6- لابد من توسيع أهداف البنك المركزي في دعم التنمية
الاقتصادية, حيث ألزم القانون أن يركز البنك المركزي على تثبيـت الأسـعار ومكافحة
التضخم وحماية سعر الصرف وكلها أهداف قيمة، ومع ذلك يتفـق الاقتصاديون أن هناك
أولويات أخرى مثل تسريع معدلات النمو ومكافحـة البطالة التي يجب موازنتها مع الأهداف
الأخرى.
7- هناك حاجة إلى زيادة تواصل البنك المركزي مع الجمهور
العام وجمهـور الاقتصاديين، وبرغم التزام البنك المركزي بإصدار بيانات دوريـة
لكنها تعرض على الموقع الإلكتروني، ربما لأسباب تقنية، بشكل مفكـك وغيـر واضح.
تعليقات
إرسال تعليق
رأيك مهم