القائمة الرئيسية

الصفحات

الاستراتيجية الوطنية المصرية لتغير المناخ 2050

 


الاستراتيجية الوطنية المصرية لتغير المناخ 2050:

تنبهت مصر لخطورة تغير وتدهور المناخ منذ وقت مبكر، وتحديداً منذ عام 1994 عندما وقعت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية ثم على بروتوكول كيوتو عام 2005، مروراً بمشاركتها في أغلب المحافل الدولية ذات الصلة وتصديقها على مختلف القوانين المعنية بحماية البيئة والمناخ، وإعدادها للاسـتراتيجية الوطنية الأولى للتكيـف مـع تغيـر المناخ والحـد مـن مخاطـر الكوارث عام 2011 ثم اعتمــادها لإتفاقيــة باريــس لتعزيــز العمـل العالمي للتصدي لتغيــر المناخ عام 2016 ثم اعداد اســتراتيجية التنمية منخفضة الانبعاثات عام 2018 وصولاً إلى إطلاق استراتيجية تغير المناخ 2050.

وقد تم اطلاق "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050 في التاسع عشر من مايو من عام 2022، والتي يمكن وصفها بأنها "خطط وطنية طويلة الأجل تسعى لتجنب الآثار السلبية لقضية تغير المناخ، مع الحفاظ على ما تحقق من تنمية وتقدم اقتصادي وصولآ لعام 2050.

أما استراتيجية التنمية المستدامة 2030، والتي تركز بالأساس على "التخطيط طويل الأجل لتحقيق أهداف الدولة المتعلقة بالتنمية المستدامة بمفهومها الشامل الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حتى عام 2030" فقد جرى التحضير لها منذ 2014 ثم إطلاقها في فبراير 2016 إلى أن تم تحديثها عام 2018 بحيث تتماشى مع التغيرات المحلية والعالمية الجديدة و لكي تتوافق مع الأهداف الموضوعة لاستراتيجية التنمية منخفضة الانبعاثات الموقعة في العام ذاته.

أهداف استراتيجية تغير المناخ 2050 وعلاقتها باستراتيجية التنمية المستدامة 2030

يمكن القول أن هذه الاستراتيجية تعد بمثابة دليل أو مرشد لتحقيق هدف رئيسي ممثلاً في "التصدي للآثار السلبية الناتجة عن ظاهرة تغيرالمناخ وفقاً لرؤية مصر 2030، وبالتالي تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع ومستدام في مختلف القطاعات الرئيسية بالدولة مع الحفاظ على مواردها الطبيعية والالتزام بالضوابط والمعايير البيئية، وكذا تقوية الدور المصري فيما يتعلق بالتصدي لظاهرة التغيرات المناخية عالميا، وعلى وجه التحديد، تهدف الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 إلى تحقيق خمسة أهداف رئيسية يتفرع عنهم عدد آخر من الأهداف الفرعية كما يلي:

1- تحقيق نمو اقتصادي ومنخفض الانبعاثات في مختلف قطاعات الدولة:

تسعى الاستراتيجية إلى تحقيق مستويات مرتفعة من النمو الاقتصادي "المراعي للشروط البيئية والمناخية" الأقل ضرراً على الانسان وبيئته، من خلال تخطيط وادارة ظاهرة تغير المناخ على مختلف المستويات والقطاعات المسئولة عن عملية التنمية في مصر.

يتفرع عن هذا الهدف أربعة أهداف فرعية أخرى:

أ‌- التركيز على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة وزيادة نسبة الاعتماد عليها، حيث وصل حجم اسهام الطاقة المتجددة "من الطاقة الشمسية والرياح" في انتاج الطاقة الكهربائية في مصر نحو 4,4% عامي 2019- 2020 ويستهدف أن تصل هذه النسبة إلى نحو 42% بحلول عام 2035.

ب‌- تخفيض الانبعاثات البيئية الضارة بالمناخ الناتجة عن استخدام المنتجات البترولية غير النظيفة، وقد بلغ استخدام مصر من الغاز الطبيعي بمحطات الكهرباء "كبديل أكثر أمناً يقلل من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري" نحو 94,1% عامي 2019-2020، فضلاً عن تحقيق فائض من انتاجه خلال السنوات الماضية، وذلك بالتوازي مع خفض نسب استخدام المازوت والسولار أيضاً.

ت‌- الاستغلال الأمثل والكفء للطاقة، حيث يضمن تحقيق استفادة قصوى من الموارد المتاحة "مواد خام أو طاقة كهربائية منتجة" وهو ما يعمل على توفر هذه المصادر اللازمة لعملية التنمية الاقتصادية المستدامة باستخدام طاقة ذات انبعاثات أقل وهو ما يربط بين استراتيجيتي التنمية المستدامة وتغير المناخ.

ث‌- تبني اتجاهات الإنتاج والاستهلاك المستدام للحد من انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وخاصة في القطاع الزراعي –الذي يحظى بأهمية قصوى نظراً لتأثره الواضح بالتغيرات المناخية التي تؤثر في حجم الانتاج الزراعي وبالتالي الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية والمستدامة ككل- وبالتالي ينبغي العمل على زيادة انتاجية القطاع مع ربطها بسياسات فعالة تخفض الانبعاثات الناتجة حيث بلغت نسبة مساهمة القطاع في الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري نحو 9% عام 2018.

مما سبق يتضح أن هدف التنمية الاقتصادية "منخفضة الانبعاثات" المدرج باستراتيجية تغير المناخ 2050 مع الهدف الثالث الموضوع باستراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" والذي ينص على "الاستدامة البيئية والوصول لنظام بيئي مستدام ومتكامل"، كلاهما يسعى إلى الحفاظ على التنمية والبيئة معاً ومواجهة تحديات تدهور المناخ، والتوسع في مصادر المتجددة، واستدامة الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي والبيئي، كما يرتبط أيضاً بالهدف الخامس من استراتيجية 2030 المتعلق "بتحسين البنية التحتية" حيث أنه لا توجد تنمية حقيقية ملموسة دون وجود بنية تحتية جيدة.

2- بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغيرات المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ:

وينبثق عنه 4 أهداف فرعية :

أ‌- حماية المواطنين من الآثار السلبية الصحية لتغير المناخ.

ب‌- تقليــل الخسائر والأضرار التي يمكن أن تحدث لأصول الدولة والنظم البيئية عــن طريق الحفاظ عليها مــن تأثيرات تغير المناخ.

ت‌- الحفاظ على موارد الدولة من تأثيرات تغير المناخ.

ث‌- وجود بنية تحتية وخدمات مرنة في مواجهة تأثيرات تغير المناخ.

ج‌- تنفيذ مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث. (يمثل ضرورة قصوى لمصر لكونها من أكثر الدول والمناطق الأكثر تأثراً بظاهرة التغيرات المناخية، حيث يسعى للتأكد مــن وجود وسيلة تنبــؤ وإنذار يليها اتخاذ إجراءات على الأرض للتصدي لهذه المخاطر).

ح‌- الحفاظ على المساحات الخضراء والتوسع بها، حيث تساعد عمليات التشـجير وزيـادة الرقعة الخضراء علـى امتصاص غـاز ثاني أكسـيد الكربون مـن الهواء كما تقلل من شدة درجة الحرارة وبالتالي يؤدي لخفض نسبة الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

حيث أن الانسان هو محور التنمية وفقاً لرؤية 2030 وهو ما جعل هدف "تحسين نوعية حياة المواطن ومستوى معيشته" يصبح هدفاً محورياً بها، كذاك فإن هدف "حماية المواطنين من الآثار السلبية الصحية لتغير المناخ ولا سيما بعد ظهور وباء كورونا والموضح باستراتيجية 2050 يصبح بالتالي امتداداً ووسيلة تنفيذية ونتيجة منطقية لهذا الهدف وما أوضحه بشأن أهمية الاستعداد الطبي والصحي الجيد"، كما يتسق هدف "المرونة والتكيف مع التغيرات المناخية وتخفيف آثارها" الوارد باستراتيجية 2050 مع هدف "خلق نظام بيئي مستدام ومتكامل" المدرج باستراتيجية التنمية المستدامة 2030؛ حيث تصبح مواجهة تحديات تغيرات المناخ، واستدامة الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي أهدافاً مشتركة تسعى لتحقيقها كلا الاستراتيجيتين.

3- تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، ويتفرع عنه عدد من الأهداف الفرعية:

أ‌- تحديد أدوار ومسؤوليات مختلف أصحاب المصلحة مــن أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية. (وهو ما يسلط الضوء على أهمية التكامل المؤسسي بيــن مختلف القطاعات والوزارات فــي قضية متعددة الأبعاد مثل التغير المناخي).

ب‌- تحسـين مكانـة مصـر فـي الترتيب الدولي الخـاص بإجراءات تغيـر المناخ لجذب المزيد مـن الاستثمارات وفـرص التمويـل المناخي، حيث انه من أجل تنفيذ المشروعات والمقترحات البيئية وخاصة المتعلقة بالمناخ يستلزم وجود موارد مالية كافية. وتأتي الأخيرة إما من خلال الاعتماد على الخارج في شكل منح وقـروض دولية والتي تدعـم مشـروعات خفـض الانبعاثات وتقليل الأضرار الناتجة وغيرها أو مـن خلال التمويل الداخلي.

ت‌- اصلاح السياسات القطاعية اللازمة لاستيعاب التدخلات المطلوبة للتخفيـف مـن آثـار تغيـر المناخ والتكيـف معه، وذلك لضمـان اسهام القطاع الخاص ومختلف الفئـات ذات الاختصاص، وتعد سياسـات وزارة الكهرباء والطاقة المصرية الخاصة بتنفيـذ مشـروعات الطاقـة الشمسـية –كتعريفة التغذية والمزاد العلني- مثال جيد لتشجيع دخول القطاع الخاص فــي تنفيذ تلك مشروعات.

ث‌- تعزيز الترتيبات المؤسسية والإجرائية والقانونية مثــل نظام الرصد والابلاغ والتحقق، حيث تعمل على تعزيــز موقف مصـر مـن قضايـا تغيـر المناخ ممـا يؤدي إلـى جـذب مشـروعات واستثمارات أكبر فـي هـذا المجال، ويعد "المجلـس الوطنـي للتغيـرات المناخيـة" خطوة رئيسية في هذا السياق.

مما سبق يمكن القول أن تحسين الحوكمة وادارة العمل في مجال تغير المناخ، يؤدى إلى الاسهام في "خلق نظام بيئي مستدام ومتكامل" باعتباره أحد أهم أهداف التنمية المستدامة 2030، كما أنه يمثل جزءاً رئيسياً من أجزاء "الحوكمة والشراكة" (أحد الأهداف المحورية بالاستراتيجية الوطنية للتنمية 2030).

4- تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، ويتفرع عن هذا الهدف خمسة أهداف أخرى كما يلي:

أ‌- الترويج للأعمال المصرفية الخضراء المحلية، وخطوط الائتمان الخضراء.

ب‌- الترويج لآليات التمويل المبتكرة التي تعطي الأولوية لاجراءات التكيف، على سبيل المثال السندات الخضراء، وقد أصدرت مصر خلال النصـف الثانـي مـن عـام 2020 أول طـرح للسـندات الخضـراء –التي تهدف لجـذب المسـتثمرين المهتمين بالمشاريع البيئية المناخية المستدامة- بقيمـة 750 مليـون دولار، وبالتالي أصبح لها الريادة في المنطقة في هذا المجال كما فتح ذلك الباب لها لتمويـل مشروعات الطاقـة المتجـددة، وكفـاءة اسـتخدام الطاقـة، وإدارة المخلفـات، والنقـل النظيـف.

ت‌- مشاركة القطاع الخاص في تمويل الأنشطة المناخية والترويج للوظائف الخضراء.

5- تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة ورفع الوعي لمكافحة تغير المناخ، وينبثق عنه عدد من الأهداف الفرعية:

أ‌- تعزيز دور البحث العلمي ونقل التكنولوجيا في التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه.

ب‌- تسهيل نشر المعلومات المتعلقة بالمناخ وإدارة المعرفة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين.

ت‌- زيادة الوعي بشأن تغير المناخ سواء من صناع القرارات أو السياسات، والمواطنين، والطلاب والباحثين.

تعليقات

التنقل السريع