القائمة الرئيسية

الصفحات

مشكلات ومعوقات ومخاطر التحول الرقمي


مشكلات ومعوقات ومخاطر التحول الرقمي

 

إن التقنيات والنُظم الرقمية الحديثة قد أثرت بشكل هائل على هوية وقيمة المعلومات وبات من السهل إقتناء وإختزال كميات كبيرة من البيانات الشخصية والخصوصية بطرق وأدوات بسيطة للغاية.

  ولكنه أيضا أصبح من الممكن تكسير الحواجز الأمنية الرقمية وإختراق الأنظمة الإلكترونية المختلفة والتي تحمي المعلومة خصوصًا بشكلها الرقمي الجديد بشكل يسير وسهل للغاية، وهذه النظرة لا تمثل التفكير برؤية تشاؤمية بل هي رؤية حذر وتأني ومحاولة لفهم واقع الهوية الرقمية.

 

أولا" : مشكلات التحول الرقمي فى مصر :

يمكن للبحث توضيح المشكلات التى قد تعرقل مجهودات الدولة وكذلك من الممكن أن تكون سببا في فقدان ما تم إنجازه  فى عملية التحول الرقمي للتعاملات الحكومية بالكامل، بسبب ما يطلق عليه "الفجوة"  التى تضيع فيها كل محاولات التغيير للأفضل، ويمكننا التعرف على أسبابها من خلال التعرف على النقاط التالية ...

 

1/1. الفجوة الرقميةGap  Digital :

 فالفجوة الرقمية هي المسافة بين كثافة إنتشار إستخدام شبكة الإنترنت في الدول المتقدمـة، وما ينطوي عليه ذلك من تغيير أنماط التفاعل في مجالات التجارة والعلاقات الإنسانية وعلاقات العمل، وبين كثافة إنتشار الشبكة في الدول النامية، هذا وأن الفجوة الرقمية تحمل في طياتها العديـد من الفجوات المتمثلة فيما يلي :

1-  فجوة التقنية والإتصالات، وهى نتيجة تطور النظم التكنولوجية والمعلوماتية بشكل مستمر بالدول المتقدمة عن الدول النامية .

2-    فجوة تعليمية بين الدول المتقدمة والنامية فى نظم التعليم والبحث العلمـي والتطـوير.

3-    فجوة ثقافية وإجتماعية بين الدول المتقدمة والنامية .

4-    فجوة في المعرفة والإبتكار والعقل المبدع بين الدول المتقدمة والنامية .

5-    فجوة التشريعات والتنظيمات والكفاءة المهنية فى ادارة البيئة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية .

الفجوة الرقمية والفجوات التابعة لها 

1/2. أسباب الفجوة الرقميةGap  Digital :

   تتمثل أسباب الفجوة الرقمية فى المجتمعات العربية وخاصة مصر فيما يلى:

1/2/1. الأسباب المالية والاقتصادية :

فالإستثمار في تقنية المعلومات والإتصالات يتطلب بنية تحتية فائقة التقنية لمواكبة تطور صناعة المعلومات ووسائل الإتصالات، وهـذا يتطلـب بدوره إمكانيات مالية وإقتصادية كبيرة تتلاءم ومتطلبات الإقتصاد الرقمي.

 


ثانيا" : معوقات التحول الرقمي فى مصر :

إن الإستراتيجية الجديدة التى وضعتها الحكومة المصرية من أجل التحول الرقمي في إطار خططها الإصلاحية الداعية إلى النهوض بمصر ووضعها بين مصاف الدول الكبرى، حيث تهدف الإستراتيجية الجديدة إلى إحلال التكنولوجيا والإعتماد عليها في كافة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطن، ولكن واجهت الحكومة المصرية بعض العقبات التي أدت الى تباطؤ تنفيذ تلك الإستراتيجية، ومن أهم تحديات ومعوقات التحول الرقمي في مصر ما يلى:

 

العائق الأول : عدم وضع أسس إستراتيجية للتحول الرقمي :

ان أبرز تحديات التحول الرقمي في مصر هو عدم وضع أسس إستراتيجية واضحة لكيفية التحول الرقمي، حيث أن تطبيق الأعمال الرقمية وتطوير المنصات وتغيير الهيكل التنظيمي في المؤسسة غالبا ما يكون مكلفاً وصعباً من الناحية التقنية ويحتاج إلى الكثير من الوقت والموارد والأموال

 

 

العائق الثانى : ثقافة رفض التغيير :

وذلك بسبب وجود مقاومة للتغيير الإيجابى الذى تسعى إليه الدولة من قِبل بعض القيادات والعاملين بالجهاز الإداري الذين أعتادوا على أسلوب محدد لا يريدون هجره، وذلك خوفاً من أن النظام الجديد قد يؤدى للإستغناء عنهم.  ولكنه يمكن تخطي ذلك من خلال تعزيز ثقافة التعاون، حيث يجب على الموظفين أن يكونوا قادرين على العمل والتعاون واستكشاف أفكار جديدة والانطلاق عبر كافة الحدود؛ لكن الواقع الحالي يشير إلى أن معظم المؤسسات أصبحت عالقة في ثقافة ترفض التغيير ثقافة مبنية على الفردية والتسلسلات الهرمية في العمل. 

 

 العائق الثالث : انخفاض قيمة العملة أمام الدولار:

إن إنخفاض قيمة العملة أمام الدولار من التحديات الكبري التي يواجهها قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بصفة خاصة والقطاعات الاقتصادية الأخرى بصفة عامة خلال الفترة الراهنة، ومازالت مستمرة في التأثير على تكلفة الخدمات والمنتجات التكنولوجية المقدمة من المؤسسات لعملائها من ناحية وعلى القوة الشرائية للعميل من جهة أخرى.

 

العائق الرابع : الممارسات الحالية لا تدعم المواهب :

إن إمتلاك المواهب المناسبة هو أمر بالغ الأهمية لكن وجود الممارسات الصحيحة يسمح للمواهب بالعمل بفعالية أكبر، كما أن العمليات التقليدية شديدة التنظيم والتي تتم بشكل بطيء لا يمكنها أن تدعم عمليات التحول الرقمي. 

العائق الخامس : هروب الكفاءات من العاملين المصريين للخارج

نتيجة لإرتفاع الأجور في أسواق العمل الأخرى مقابل تراجعها بشكل كبير في السوق المصرية يهدد قدرة الشركات المحلية على المنافسة والإستمرارية في مواجهة شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية الأمر الذي يضع تحديا كبيرا في تنمية العنصر البشرى وبذل جهد أكبر في تدريب وتأهيل الشباب والخريجين لسوق العمل.

 

العائق السادس : عدم إنشاء مراكز تدريب تكنولوجية :

و ذلك بسبب ضعف المراكز المالية للجهات والشركات المصرية، وتباطؤ خطط الإستثمار في البنية التحتية المعلوماتية.

العائق السابع : زيادة العبء المالي على الشركات :

والتى تتمثل في أزمة التمويل التي تعرقل مسيرة الشركات المحلية مع ارتفاع أسعار الخامات والخدمات، وزيادة التكلفة، وايجاد فرص للعمل وأسواق تساعد على نموها؛ حتى تتمكن من منافسة الشركات العالمية، إلى جانب أيضا انخفاض جودة المنتج المصري وعدم قدرته على المنافسة للمنتجات العالمية، الأمر الذي يهدد استمرارية هذه الشركات من الأساس.

 

ولا شك أنه يجب تخطي تلك المعوقات لتحقيق الإستفادة القصوى من التطور العلمي والتكنولوجي؛ خاصة ونحن نعيش على أعتاب طفرة أخرى فى المعرفة والتقدم، فيما يتعلق بتكنولوجيا الفضاء. والذى نتج عنه إنتشار ظاهرة ما يعرف "بإقتصاد الفضاء"، وتسابق دول العالم فى إطلاق الأقمار الصناعية فى الفضاء، بغرض الاستغلال التجاري والاقتصادي للمصادر الطبيعية خارج حدود كوكب الأرض.

 

ثالثا" : مخاطر التحول الرقمي :

لا تعني الإشارة إلى مخاطر التحول الرقمي الدعوة إلى الكف عنه، فإن كانت الرقمنة خطيرة فإن عدم التحول إليها أخطر فهذا التحول ليس خيارًا، وإنما هو عملية يجب على جميع الشركات أن تمر بها مع تحويل أعمالها وتعاملاتها التقليدية من خلال الإستفادة من التقنيات الحديثة وشبكة الإنترنت.

  لكن هناك مخاطر أمنية في التحول الرقمي يجب مراعاتها مثل الهجمات والجرائم الالكترونية والتى تشكل واحدة من أبرز المخاطر الرقمية ، فتقنيات الأمن التقليدية لم تعد مناسبة لمواجهة مثل هذه المخاطر.

ولا سيما أن الشركات تسعى إلى جعل أنظمتها ذكية وتلقائية، وهذا يشير بشكل أساسي إلى أهمية التقارب بين النظم وجعلها أكثر ترابطا وإلى ضرورة تبادل البيانات، وبالتالي أصبحت أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية بسبب إتساع تواجدها الرقمي بغض النظر عن الحدود الجغرافية لتلك الشركات والمؤسسات.

ويعرف القانون في شأن الجرائم الالكترونية بأنها:

تعد من الجرائم الإلكترونية: " كل من ضبط داخل نظام المعالجة الآلية للبيانات أو جزء منه وترتب على هذه الطريقة أحد العناصر  التالية: محو بيانات أو تعديل بيانات أو تعطيل تشغيل النظام ".

لذا يتطلب الأمر أن يكون هناك وعي بـمخاطر التحول الرقمي وألا نستهين بها، خاصة أن الإنتقال إلى الخدمات الرقمية يوسع نطاق الهجوم بشكل كبير.  فعلى سبيل المثال، يزيد إتجاه إنترنت الأشياء من كفاءة الأعمال ولكنه يضيف أيضا مليارات الأجهزة غير الآمنة إلى شبكة الإنترنت، ويرجع تعدد أسباب زيادة المخاطر الرقمية إلى:

1.    الإعتماد الكبير على التقنيات الرقمية.

2.    ازدياد حجم المواقع المستهدفة بسبب كثرة الأجهزة المتصلة.

3.    زيادة تعقيد الهجمات الالكترونية.

4.    كثرة إستخدام التعاملات الالكترونية.

5.    تجاوز الإبتكار الرقمي لتدابير الأمن الإلكتروني.

6.  الإندماج بين نظم تشغيل تكنولوجيا المعلومات وشبكة الانترنت، وتلك هى وسيلة دخول القرصنة الإلكترونية.

 

§        وأهم مخاطر التحول الى البيئة الرقمية تتمثل فيما يلي :

 

أ‌)       البيئة الرقمية وأمن البيانات والمعلومات

تساعد التكنولوجيا الرقمية في جمع كميات هائلة من البيانات وتخزينها، ويمكن أن تكون هذه معلومات خاصة تتعلق بالأفراد أو المنظمات، وربما يكون من الصعب جدًا الحفاظ على أمان هذه البيانات، فمجرد خرق واحد يمكن أن يعني وصول كميات هائلة من المعلومات الخاصة إلى أيدي المجرمين، أو المنافسين التجاريين، أو الخصوم الأجانب، أو الكيانات الأخرى.

 

ب‌)  مخاوف الخصوصية :

أصبح الحفاظ على الخصوصية الشخصية في العالم الرقمي أكثر صعوبة، وهذا علاوة على مخاطر سرقة بياناتك الشخصية أو بيعها.

وحاول الفيلسوف والمفكر الكوري الأصل (بيونغ تشول هان) في كتابه «مجتمع الشفافية»، إستقصاء خطر وفرة المعلومات وإمكانية الوصول إلى بياناتنا الشخصية على الإنترنت من كل الجوانب، وأدت به تحليلاته إلى القول إن هذه «الشفافية» المزعومة التي يوفرها العالم الرقمي لا تعمل إلا على هدم المجتمع ككل وإصابته بالهشاشة، والمخاطر على صعيد المال والأعمال تكون كذلك أوضح، إذ لم تستطع الشركة أو المؤسسة حماية خصوصية بياناتها فهذا يعني أنه قُضي عليها.

 

 

ت‌)  الإنتحال وحقوق التأليف والنشر :

من السهل جدًا نسخ الوسائط الرقمية وإعادة إنتاجها، كما أنه من الصعوبة تطبيق قوانين حقوق النشر، ونلاحظ أن هناك تأخرًا على مستوى التشريعات القانونية في هذا الصدد، فبما أن هذه «النقلة الرقمية» حديثة بعض الشيء فليست هناك أطر قانونية تحكم مسار عمل هذا العالم المرقمن وتحمي خصوصية الأفراد والمؤسسات وحقوق ملكيتهم الفكرية والأدبية لمنتجاتهم ومؤلفاتهم المختلفة.

 

 

ث‌)  مخاطر عدم الكشف عن الهوية :

توفر التكنولوجيا الرقمية مجالًا واسعًا للمستخدمين لإخفاء هوياتهم، وتشير كثير من الدراسات إلى أنه من المرجح أن يتصرف الناس بشكل معادٍ للمجتمع إذا أعتقدوا أنه لن يكون هناك أي عواقب، ولعلنا لاحظنا جميعًا زيادة سلوك التنمر، والتصيد، والمطاردة، والتهديد، والإهانة بشكل كبير مع ظهور الإنترنت، كما يستخدم بعض الناس شخصيات مزيفة لأغراض السرقة والاحتيال.

 

 

ج‌)    إهدار الوقت والمال :

من الممكن أن تسبب وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الكمبيوتر والمواقع الإلكترونية المختلفة إدمانًا حقيقًا، إذ يريدك صانعو الألعاب أن تلعبها حتى تشتري الإصدار التالي، وتريدك مواقع الإنترنت أيضًا أن تتفاعل حتى تتمكن من جلب أموال الإعلانات، وينتهي الأمر بالمستخدمين إلى إهدار كميات هائلة من الوقت ونزيف الأموال مقابل لا شيء.

 

 

ح‌)    العزلة الاجتماعية :

يسير المجتمع في إتجاه غير إجتماعي على الإطلاق وأصبحت العلاقات غير شخصية أكثر فأكثر، حيث تحل الآلات الرقمية محل البشر ويتسوق الأشخاص عبر الإنترنت، ويقومون بأعمالهم المصرفية عبر الإنترنت، ويدفعون الفواتير عبر الإنترنت ويعملون بشكل متزايد عبر الإنترنت، ومن المقرر أيضًا أن يصبح النقل مميكناً ما سيؤدي في النهاية إلى أن تصبح سيارات الأجرة ومركبات التوصيل خالية من السائقين، فالشعور بالوحدة وقلة الإتصال البشري أصبح نمطًا شائعًا في عصر التحول الرقمي.

 

§        إلى جانب ما سبق، ومن خلال الدراسة الحالية يمكن للباحث توضيح أخطار أخرى للتحول الرقمي، وتتمثل فيما يلي :

 

خ‌)    الضرر البيئي :

يمكننا إضافة خطر هام أخر على البيئة والمجتمع نتيجة التحول الرقمي والمخلفات الإلكترونية التى تتخلص منها البيئة الرقمية، حيث أن ضرر تلك المخلفات الإلكترونية مثله مثل ضرر المخلفات الصناعية على البيئه المحيطة به، نظرا لإتسام بعض مكوناتها بدرجة عالية من السُمية وكذلك صعوبة تحللها بمرور الوقت.

وهذا يجب التنبه له ويجب أن يتدارك من خلال التخطيط الجيد ووضع أسس وقوانين ومعايير لجمع وإعادة تدوير أو التخلص من تلك المخلفات الإلكترونية.

 

                                 أ‌-         الميكنة الفارغة :

و هذا يُعد أيضا من أهم المخاطر، فإستخدام التكنولوجيا الرقمية مع وجود نفس الروتين فى إجراء التعاملات، والتكدس والزحام الشديد على مراكز الخدمة المميكنة، يُعتبر للأسف " ميكنة فارغة "،  فلابد من تأهيل وتدريب كوادر بشرية وكذلك تأسيس إدارات لمتابعة وتقييم وتطوير التعاملات والخدمات الرقمية.

 

                              ب‌-      خلق فرص لإرتفاع معدلات البطالة :

على الرغم من حتمية التحول الرقمي، إلا أنه تسبب فى الإستغناء عن العديد من فرص العمل الشاغلة بالأفراد، فأصبحت الأنظمة الرقمية وخدمات الإنترنت تؤدي وظائف كاملة بدلا من الأفراد، كما أصبحت المهام الوظيفية التى كانت تستلزم أكثر من فرد القيام بها، يؤديها فرد أو اثنان على الأكثر. مما تسبب فى إنتشار بطالة أخرى ممن كانوا يقومون بتلك الوظائف.


تعليقات

التنقل السريع